التعليم الثانوي بالعطاف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات التعليم الثانوي – العطاف –
 
الرئيسيةشريط الإدارةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أبــو الــعــتــاهــيــة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدو
عضو أساسي
عضو أساسي
عبدو


ذكر عدد الرسائل : 830
العمر : 55
** : 8
نقاط : 6042
تاريخ التسجيل : 04/02/2008

أبــو الــعــتــاهــيــة Empty
مُساهمةموضوع: أبــو الــعــتــاهــيــة   أبــو الــعــتــاهــيــة Icon_minitimeالإثنين 31 مارس 2008 - 16:05

أبــو الــعــتــاهــيــة



ولد أبو العتاهية ( إسماعيل بن القاسم بن سُويد ) سنة 130هـ ، ضاقت سبل العيش بأبيه فانتقل ومعه ابناه ( إسماعيل و زيد ) إلى الكوفة ، نشا في أسرة فقيرة ، نزعت به نفسه إلى اللهو والمجون ، وكان أخوه ( زيد ) قد احترف عمل الخزف وبيع الجرار والفخار ، فحاول أنْ ينقذه مما تردّى فيه ، وما زال به حتى أشركه معه في حرفته 0
وكان نبع الشعر قد أخذ يتدفق على لسانه ، واشتهر أمره في الكوفة ، وأخذ يختلط ببيئات المجّان من الشعراء ، ثم أخذ يختلف إلى حلقات العلماء والمتكلمين في مساجد الكوفة ، مما أتاح له إتقان العربية والوقوف على مذاهب أصحاب المقالات ، ولم تلبث الصلة أن توثقت بينه وبين مغنٍ ناشئ دوّت شهرته فيما بعد هو ( إبراهيم الموصلي ) وتعاقدا أن ينزلا بغداد لعل بضاعتهما تروج فيها ، وفُتحت الأبواب لإبراهيم بينما سُدّت في وجه أبي العتاهية فصمّم على العودة إلى الكوفة غير أنَّ مقامه لم يطل بها ، وقد أقبلت الدنيا على صديقه ( إبراهيم ) الذي أرسل إليه ليلحق به وذهب إليه وقدّمه للخليفة المهدي الذي أعجب بمديحه وأغدق عليه الجوائز ، وقدّمه على كثير من الشعراء ، ولكنّ أبا العتاهية تعلّق بجارية من جواري زوجة المهدي وكانت تزدريه ولمّا ضايقها ووصل الخبر للمهدي أمر بضربه مئة سوط وسجنه ثم عفا عنه ( يقول الرواة : إنه لم يكن يحبها حبا صادقا إنما كان يريد الشهرة في الأوساط الأدبية بذكرها وأنه امتحن في حبها وأثبت الامتحان كذبه وأنه إنما كان يتكلف هذا الحب تكلفا ) وقد ظل يذكرها ويتغنّى باسمها طويلا ، ولعلّ ذلك هو الذي جعل المهدي يقول له : إنك إنسان معتّه ، فاستوى له بذلك لقبه ( أبو العتاهية ) وغلب على اسمه 0

وظل يعيش حياة اللهو حتى كانت سنة 180هـ فإذا هو يتحول من حياة اللهو والمجون إلى حياة الزهد والتقشّف ولبس الصوف ، ويأخذ منذ هذا التاريخ في الإكثار من شعر الزهد وذكر الموت والفناء والثواب والعقاب والدعوة إلى مكارم الأخلاق ، وقد تشكّك معاصروه في هذا الزهد الذي طرأ عليه ، وردّته كثرتهم إلى عناصر مانوية ( المانوية مزيج من النصرانية والبوذية والزرادشتية) ، ويُقال إنَّ ( منصور بن عمّار ) هتف به في بعض وعظه ، وقال : إنه زنديق ، مستدلا على ذلك بأنه يكثر من ذكر الموت في شعره ولا يذكر الجنة ولا النار ، وهي ملاحظة دقيقة ، فقد كان المانوية يدعون للزهد في الدنيا والعمل للآخرة كما كانوا يدعون إلى ظاهر حسن كاجتناب الفواحش ( ومن يتعمق أشعار أبي العتاهية يجده مشغولا بما كان يراه المانوية من أنّ العالم نشأ عن أصلين هما النور والظلمة ومن النور نشأ كل خير ومن الظلمة نشأ كل شر) وكان المانوية يؤمنون بأن للعالم إلهين : إله النور وإله الظلمة ، ولكنّ أبا العتاهية كان يدين بالتوحيد ــ كما قال بعض معاصريه خلافا لمن اتهمه بأنه كان يؤمن بما تؤمن به المانوية ــ ولكنه مزج بين المانوية والإسلام إلا إذا كان قد موّه عن مانويته الخالصة بادعائه وحدانية ربه ، وخصلة عند أبي العتاهية لا يمكن تفسيرها إلا على أساس نزعته المانوية ، ذلك أنه كان مع دعوته إلى الزهد شحيحا شُحا شديدا مع كثرة ما كان يكنز من الذهب والفضة وتُروى في شُحّه نوادر كثيرة تدل على حرصه البالغ ، وتفسير ذلك أنّ المانوية كانوا يؤمنون بأنّ المانوي الصادق ينبغي أن يعيش على المسألة فلا يأكل إلا من كسب غيره ، وهو يحرّم ماله على نفسه وعلى غيره ويعيش على السؤال والاستجداء

ويقول الرواة : إنّ زهده كان زهدا في الظاهر أما الباطن والواقع فقد ظل من طلاب الدنيا ومتاعها الزائل وظل يطلبها ويُلحّ في الطلب إلحاحا شديدا فقد ظل يمدح الرشيد وينال جوائزه ثم مدح الأمين ونال جوائزه ثم مدح المأمون

وقد ظل أبو العتاهية نحو ثلاثين عاما يتحدّث في شعره عن الموت والفناء وإنه ليصرخ من أعماق قلبه : ليس هناك إلا الفناء وإلا الأسى والكآبة ، وهي نظرة سوداء جاءته من مانويته ، إذ الإسلام لا ينْعى إلى الناس حياتهم ولا يصورها لهم في كروب أبي العتاهية التي تخنق الأنفاس

ولم يكن أبو العتاهية يقترب من العامة بزهده وما صوّر فيها من بؤسها فحسب ، بل كان يقترب منها أيضا بأسلوبه الذي كان يشتقه اشتقاقه من لغة الحياة اليومية ببغداد ، وهو أسلوب ابتعد فيه عن الغرابة والتعقيد كما ابتعد عن العجمة ، ولكنه بعد ذلك أجراه في مستوى أفراد الشعب ، بحيث لا يعزّ على أحد منهم أن يفهمه ، وبلغ من اقتداره على صنع الشعر وسهولته على لسانه أن اخترع أوزانا جديدة لا تدخل في بحور الشعر المستعملة ، وكان إذا رُوجع في ذلك وقيل له إنّ أشعارك لا تدخل في عروض الخليل قال : أنا أكبر من العروض ، يريد أنّ الشعر يجري على لسانه قبل أن يضع الخليل عروضه ، وهو لذلك أسَنُّ منه ، ولا نشك في أنَّ ديوانه لو وصلنا كاملا لاستخرجنا منه أوزانا كثيرة طريفة ابتكرها ابتكارا




في ديـوان أبي العتاهية ( ط/ دار صادر ) هذه الأبيات :



لا تَكْذِبَـنَّ فإنَّني * لك ناصـحٌ لا تكْذبِنَّـهْ
وانظـرْ لنفسكَ ما استطعْـ * ــتَ فإنها نارٌ وجَـنَّهْ
واعلم بأنك في زمـا * نٍ سَطَواتهُ أَسِنَّهْ
صار التواضـعُ بدعةً * فيهِ وصار الكِبْرُ سُنَّهْ

وزهده لم يأمر بترك الكسب بل انتقد البخل والشح والحرص :
وقال أذل الحرص والطمع الرقابا
فهذا زهد شرعي أعني القصائد وليس الشاعر
وقد نهى ابنه عن المكوث في البيت كزاهد لا يعمل، وأمره بمزاولة حرفته في بيع القماش ( وهذا مخالف لكونه مانويا وإلا لأمر ابنه بسؤال الناس)
وكان له أشياء فيها الأمل :
خليلي إن الهم قد يتفرج
وقال رافضا للانغماس فقط ( السعي لغير نهاية )

لِكُلِّ امرِئٍ فيما قَضى اللَهُ خُطَّة مِنَ الأَمرِ فيها يَستَوي العَبدُ وَالمَولى
وَإِنَّ امرَأً يَسعى لِغَيرِ نِهايَــــــــة لَمُنغَمِسٌ في لُجَّةِ الفاقَةِ الكُبـــــرى

فيحمل عليه رفضه للدنيا
وقد قيل إنه كان يحتفظ في بيته بالأموال وقال للمستقبل والحاجة. والله أعلم لو كان يؤدي زكاتها أم لا ... لكنه كان جريئا، ولم يكن شاعر سلطان من الذين يطربون وينشدون للجواري أو يمجدون السلطان، وكثيرا ما أبكى هارون الرشيد رحمه الله، أعني لابد أن يصنف أنه أفضل ممن نالوا الجوائز بسخط الله تعالى في قصة تروى
" صنع الرشيد يوما طعاما فاخرا، و زخرف مجلسه، ثم أحضر أبا العتاهية الشاعر وقال له: صف ما نحن فيه من نعيم الدنيا، فأنشد:
عش ما بدا لك سالما ........................ في ظل شاهقة القصور
فقال الرشيد: أحسنت، ثم ماذا؟ فانشد
يسعى إليك بما اشتهيت ........................ لدي العشية والبكور
فقال: أحسنت، ثم ماذا؟ فانشد:
فإذا النفوس تغرغرت ......................... بزفير حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقنا ............................. ما كنت إلا في غرور

فبكى الرشيد بكاء شديدا، فقال بعض الحاضرين لأبي العتاهية: بعث إليك أمير المؤمنين لتسره فأحزنته، فقال الرشيد دعه فإنه رآنا في عمى فكره أن يزيدنا منه...
ومن روائعه

بكيت على الشباب بدمع عيني...... فلم يغن ِ البكـاء ولا النحــيب
فيــا أسـفاً أسـفت عـلى شباب...... نعاه الشيب والرأس الخضيب
ولما بلغه قول الناس فيه قال: والله ما ديني إلا التوحيد وقال:
ألا إننـــــا كلنــــا بــــائد وأي بنــــــي آدم خــــــالد
وبـــدؤهم كـــان مــن ربهــم وكـــل إلـــى ربـــه عــائد
فيــا عجبــا كـيف يعصـي الإلـه أم كـــيف يجحـــده الجـــاحد
وفــي كــل شــيء لــه آيــة تـــدل عـــلى أنـــه واحــد

هذا والله أعلم فأنا سائل وباحث عن الحقيقة ، وكتبت ما أعلمه لأستوثق ليس إلا
فلو كان تكلم فيه أحد من أهل الجرح والتعديل فلهم الحكم في تلك المسألة لأنهم طبقوا قواعد علمية لا يختلف عليها اثنان
أما منصور بن عمار الذي انتقده فقد وجدت عنه التالي لدي أهل العلم
منصور بن عمار الواعظ .
قال عنه الذهبي في " الميزان " (4/187-188) : الواعظ ، أبو السري ... قال أبو حاتم : ليس بالقوي . وقال ابن عدي : منكر الحديث . وقال العقيلي : فيه تجهم . وقال الدارقطني : يروي عن الضعفاء أحاديث لا يتابع عليها .ا.هـ.
ثم قال الذهبي في آخر ترجمته : وساق له ابن عدي أحاديث تدل على أنه واهٍ في الحديث .ا.هـ.

وموعد كل ذي عملٍ وسعـي بما أسـدى غـداً دار الثـوابِ
تقلّدت العظـام مـن الخطايـا كأني قد أمنـت مـن العقـابِ
ومهما دمت في الدنيا حريصـا فإنـي لا أوفّـقُ للـصـواب
سأُسأل عن أمورٍ كنـت فيهـا فما عذري هناك ومـا جوابـي
بأية حجّـةٍ أحتـجّ يـوم الـ ـحسابِ إذا دعيتُ إلى الحسابِ
هما أمرانِ يو ضح عنهمـا لـي كتابي حين أنظـر فـي كتابـي
فإمـا أن أخلّـد فـي نعـيـم وإمـا أن أخلّـد فـي عـذابِ
وقد قيل في مذهبه ما قيل ، حتى ذكر أنه كثير التقلب فلا يستقر مذهبه على قرار ،ولكن مرجعنا نتاجه وأمره إلى الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أبــو الــعــتــاهــيــة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
التعليم الثانوي بالعطاف ::  الأدب العــــــــــــربي  ::  مواضيــع عـــــامــــة -
انتقل الى: