النص :
إن الناقدين طبقات ، كما أن الشعراء و الكتاب طبقات ، فما يصلح أن يقال في الواحد منهم لا لا يصلح أن يقال في كلهم . إلا أن هناك خلة لا يكون الناقد ناقدا إذا تجرد منها . وهي قوة التمييز الفطرية ، تلك القوة التي توجد لنفسها قواعد ولا توجدها القواعد ، والتي تبتدع لنفسها مقاييس موازين ولا تبتدعها المقاييس و الموازين . فالناقد الذي ينقد (( حسب القواعد )) التي وضعها سواه لا ينفع نفسه ، ولا منقودة ، ولا الأدب بشيء ، إذ لو كانت لنا (( قواعد )) ثابتة لتمييز الجميل من الشنيع ، والصحيح من الفاسد لما كان من حاجة بنا إلى النقد و الناقدين . بل كان من السهل على كل قارئ أن يأخذ تلك (( القواعد )) ويطبق عليها ما يقرؤه ، لكننا في حاجة إلى الناقدين ، لأن أذواق السواد الأعظم منا مشوهة بخرافات رضعناها من ثدي أمسنا ، وترهات اقتبلناها من كف يومنا ، والذي يضع لنا اليوم محجة لندركها في الغد هو الرائد الذي سنتبعه ، والحادي الذي سنسير على حدوه .
قد يسأل البعض : وأي فضل للناقد إذا كانت مهمته لا تتعدى الغربلة ؟ فهو لا ينظم قصيدة ، بل يقول لك عن القصيدة الحسنة إنها حسنة ، وعن القبيحة إنها قبيحة ولا يألف رواية ألفها سواه و يقول : أعجبني منها كذا ، ولم يعجبني كذا .
فأجيبهم : و أي فضل للصائغ الذي تعرض عليه قطعتين من المعدن متشابهتين فيقول في الواحدة إنها ذهب وفي الأخرى إنها نحاس ؟ أو تعطيه قبضة من الحجارة البلورية البراقة ، فينتقي قائلا : هذا ألماس ، و يقول فيما بقي : هذا زجاج ؟ إن الصائغ لم يخلق الذهب و لا أوجد الألماس ، لم يخلقهما كما خلق الله العالم من لا شيء ، لكنه (( خلقهما )) لكل من يجهل قيمتهما . ولولاه لظل الذهب نحاسا والألماس زجاجا أو العكس بالعكس . وكم هم الذين يميزون بين الألماس و تقليد الألماس ؟
إذا لم يكن للناقد من فضل سوى فضل رد الأمور إلى مصادرها و تسميتها بأسمائها لكفاه ذاك ثوابا . إلا أن فضل الناقد لا ينحصر في التمحيص و التثمين و الترتيب ، فهو مبدع و مولد و مرشد مثلما هو ممحص و مثمن و مرتب .
الأسئلة :
البناء الفكري :
1/ ما هي القضية التي تناولها الكاتب ؟
ـ أهي جديدة أم قديمة ؟
2/ ما هو غرض الكاتب من خلال النص ؟
3/ ما هي وظيفة الناقد في الأدب ؟
4/ للكاتب قدرة على إقناع القارئ . فيما تتمثل هذه القدرة ؟
البناء اللغوي :
1/ أعرب ما تحته خط في النص . وبين المحل الإعرابي لما بين قوسين ؟
2/ ما الصورة البيانية في قول الكاتب ( بخرافات رضعناها )
3/ ما الفرق من لجوء الكاتب إلى أسلوب الإستفهام ؟
التقويم النقدي :
1/ كيف يبدو لك الكاتب من خلال النص
2/ حدد سمات الكاتب الأسلوبية من خلال النص