بين يدي هذا الكتاب :
لماذا ندرس أصول وتاريخ الفرق الإسلامية ؟
يقول محمد العبدة: "وقد يظن البعض أن الحديث عن فرقة بادت -أو كادت- ترف عقلى، أو رياضة فكرية، تنبئ عن ملء حيز من الفراغ فى الوقت والفكر جميعاً، وقد يذهب هذا البعض مذهباً أكثر إيغالاً فى العجب من أولئك الذين يجهدون أنفسهم فى نشر أفكار قد درست، وصحائف قد طويت، وسير قد انقضت، وخاصة والأمر يتعلق بأفكار هى فى الأصح الأغلب دخيلة على الإسلام، مقتاتة على منهجه، هدامة لأصوله ثم لفروعه".
وإننا لنود أن نقف مع أولئك وقفة نستجلى فيها وجه الحق فيما يبدو إثارته، فإننا نرى أن فهم الدافع إلى كتابة بحث من الأبحاث وتبيينه شافياً معين للقارئ والكاتب معاً على الخوض فى الموضوع بقلم لا يتردد فى نشر ما طوى، أو إظهار ما خفى، وبعقل واع متفهم لما قد يجده من غرائب ينبو عنها الحس الإسلامى السليم، وبقلب عامر بالرغبة فى الوصول إلى الهدف وإحقاق الحق.
إن إعادة الحديث عن مذاهب مضت، وبيان ما فيها من بطلان وإظهار عوارها هو منهج مستمد من كتاب الله تعالى، فلقد قص علينا القرآن الكريم نبأ قوم لوط وقوم صالح وقوم هود، وما كان من غرور بنى إسرائيل فى دينهم والتوائهم فى عقيدتهم، مقارعاً لهم الحجة بالحجة مفندًا أباطيلهم بعد ذكرها كما قالوها دون حذف أو تبديل، فالحكم فى هذا الصدد هو الغاية التى يهدف إليها من وراء البيان، إن كانت للاعتبار من أحداثها والحذر من أفكارها فإن فى ذلك الفضل كل الفضل، أما إن كانت الأخرى، فهو الفساد وإشاعة الفاحشة لهدم العقول وإماتة القلوب هذه واحدة.
والأخرى: أن الأفكار لا تموت بموت أصحابها، فالفكر نتاج عقلى إنسانى أقرب فى مادته إلى الروح منه إلى الجسد، وحياته أطول أمداً من حياة أصحابه، وبقاؤه مرهون بقوة إشعاعه -حقاً كان أو باطلاً- ثم هى كالجرثومة التى تنتقل عدواها فتصيب الناس بمثل ما أصابت به صاحبها. تلك هى طبيعة الفكر ونتاج العقل، فلا بد من استيعاب تلك الخصيصة التى ثبتت بالاستقراء من خلال تاريخ الفكر الإنسانى عامة.
ثم ثالثة ... وهى أنك إذا تأملت ما تحصل للبشر من أفكار على امتداد الزمان والمكان، فإنك واجدٌ تشابهاً كبيراً فيما بينهم وستعجب من هذا التشابه، وكأنه مستمد بعضه من بعض.
ولا شك أن طوائف من تلك الأفكار قد استفادت من بعضها وما ذلك إلا نتيجة استعداد العقل وتوجهاته الأصلية وقوالبه الفكرية والنفسية والأولية التى ركبها الله فيه، فينتج له مع معطيات التفاعل الاجتماعى والنفسى أفكاراً تتشابه فى أصولها إلى حد كبير([8][8]). أهـ.
حمل الكتاب من خلال هذا الرابط :
http://arabsh.com/l54l7c7d0v2c/أصول وتاريخ الفرق الإسلاميه.rar.html