سفير اللغة و الأدب عضو ممتاز
عدد الرسائل : 1085 العمر : 60 نقاط : 6224 تاريخ التسجيل : 29/07/2008
| موضوع: الطرق الثلاث لمعرفة ترتيب المعاجم على الحروف السبت 23 أغسطس 2008 - 11:02 | |
| الطرق الثلاث لمعرفة ترتيب المعاجم على الحروف بقلم: أبوبكر بلقاسم ضيف حاسي بحبح
[ b]إن اللغة العربية لها الشأن الذي لا يجهل حيث أقبلت وجوه العلماء الأعلام عليها فبينوا قواعدها وأحكامها ورفعوا أعلامها وأفردوا لها بالتأليف حتى أصبح كلامهم بمنزلة العيان وأبرزوا في ذلك مصنفات مختلفة الأصناف. ونحن في هذه الوقفة اللغوية حول معاجم اللغة العربية نريد توضيح وتبيين الطرق الثلاث لمعرفة ترتيب المعاجم العربية حتى يسهل على الطالب البحث في مظآنّ معاجم اللغة باختلاف طرقها، وعلى هذا نجد العرب سباقين لعالم المعاجم. ونترك العلامة المحدث أحمد شاكر يقول: (العرب هم أسبق الأمم الحديثة قاطبة إلى القواميس تأليفا واستعمالا للترتيب الهجائي، ومع ذلك فإن أكثر المتأدبين يعتقدون أن الترتيب الهجائي شيء ابتدعه الإفرنج، واختصت به القواميس الإفرنجية) (1). يقول الأستاذ أحمد الشرقاوي إقبال في تعريفه لمعاجم الحروف والمعاجم على نظام التقفية، ونظام الألفباء ما يأتي: - معاجم الحروف: (يسير أصحاب هذا النظام في إيراد الكَلِم تبعا للحروف، وهم ينطلقون في ذلك على مسار ثلاثيّ المسلك الذي ترتب فيه الحروف على المخارج ابتداء بالحلق فاللسان فالأسنان فالشفتين، مع اختلاف أصحابه يسيرا في ترتيب المخارج وهم يأتون بالكلم داخل ذلك الترتيب تبعا للأبنية، مبتدئين بالثنائى فالثلاثي فالرباعي ثم الخماسي أخيرا. (وهم يقلبون أحرف كل كلمة في كل بناء على الصور الممكنة فيها عودا على بدء، وتحويلاً بعد تحويل إلى أن يستنفدوا كل ما يجيء فيها من التقاليب) (2). - معاجم على نظام التقفية: (يسير أصحاب هذا النظام على الألفاظ وفق نهاياتها فمن أراد مثلا الوقوف على لفظ بدأ طلبه في حرف الهمزة وهكذا إلى آخر الحروف... واستهدف بعض من اتبع هذا النظام أن ييسر للساجعين والناظمين الكلم التي تتقفى عليها الأسجاع والأشعار)(3). - نظام الألفباء: (ترتب الكلم في هذا النظام على الألفباء بدءا بما أوله همزة فما أوله باء موحدة فما أوله تاء مثناة فما أوله ثاء مثلثة فدال مهملة، ثم ذال معجمة، فهلم جرا إلى الياء آخر الحروف في ترتيب الألفباء)(4). الطريقة الاولى: طريقة الإمام الأوحد الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتابه "العين"، يقول العلامة طاهر الجزائري في كتابه "الكافي في اللغة": (وهو أول كتاب ألف في اللغة وسمي بذلك لابتدائه بحرف العين فإنه رتب كتابه على الحروف وهي مسوقة على هذا الترتيب: ع ح ه خ غ ق ك ج ش ض ص س ز ط د ت ظ ذ ث ر ل ن ف ب م و أ ي. (ولا إشكال في كتابه من جهة هذا الترتيب وإن خالف ما ألفه الجمهور في ترتيب حروف المعجم، ألا ترى أن حروف المعجم قد اختلف في ترتيبها المشارقة والمغاربة ولم يعق ذلك أحد الفريقين عن الانتفاع بكتب الفريق الآخر (5) فيما رتب على حروف المعجم كما لم يعقهما عن الانتفاع بالكتب التي رتبت على نسق (أبجد). (وإنما أتى الإشكال فيه من جهة أخرى وهي أنه يذكر الكلمة وما ينشأ عنها بالقلب في موضع واحد فيذكر "الضرم" في حرف الضاد ويتبعها بذكر "الضمر" ثم "الرضم" ثم "المضر" ثم "الرمض" ثم "المرض" فإن أهمِل شيءٌ من أنواع القلب أشار إلى إهماله وزاد على ذلك أنه ذكر كل نوع من الصحيح والمضاعف والمهموز والمعتل على حدة، ليمتاز كل نوع عن غيره وقد جرى على طريقته بعض اللغويين ومنهم "الأزهري" "وابن سيدة" ولصعوبة هذه الطريقة على الجمهور الذين ليس لهم مأرب في غير معرفة أبنية الكلم ومعانيها)(6). قال ابن منظور في كتابه "لسان العرب": (ولم أجد في كتب اللغة أجل من تهذيب اللغة لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري ولا أكمل من المحكم لأبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيدة الأندلسي -رحمهم الله- فإنهما من أمهات كتب اللغة على التحقيق، وماعداهما بالنسبة إليهما ثنيات للطريق (7)، غير أن كلا منهما مطلب عسر المدرك ومنهل وعر المسلك، وكأن واضعه شرع للناس موردا عذبا وجلاهم عنه، وارتاد لهم مرعى مريعا ومنعهم منه، قد أخر وقدم، وقصد أن يعرب فأعجم، فرق الذهن بين الثنائي المضاعف والمقلوب، وبدد الفكر باللفيف والمعتل والرباعي والخماسي فضاع المطلوب، فأهمل الناس أمرهما وانصرف عنهما وكادت البلاد لعدم الإقبال عليهما أن تخلو منهما، وليس لذلك سبب إلا سوء الترتيب وتخليط التفصيل والتبويب) (. قلت قال طاهر الجزائرى: (واعلم أن طريقة الخليل لها موقع عند الذين يرون أن الكلمات التي تشترك في الحروف وإن اختلفت في الترتيب لابد أن يكون لها معنى مشترك بينها هو جنس لأنواع موضوعاتها وذلك مثل "كلم" و "كمل" و "مكل" و "ملك" و "لكم" و "لمك"، فإن لها معنى يجمع بينها وهو القوة والشدة)(9). @ الطريقة الثانية: طريقة الجوهري صاحب كتاب "الصحاح" قلت: قال طاهر الجزائري: (... فإنه رتب كتابه على حروف المعجم على النسق المعروف في المشرق، غير أنه جعل الآخر للباب والأول للفصل فكل كلمة يكون آخرها ألفاً مثل: "بدأ" يذكرها في الباب الأول وهو باب الألف ويسميها بالألف المهموزة احترازا على الألف اللينة التي هي أحد حروف المد، وكل كلمة يكون آخرها باء مثل: "أب" يذكرها في الباب الثاني وهو باب الباء ولم يزل يجري على هذا الترتيب حتى وصل إلى الحرف الأخير وهو حرف الياء. (وقد جعل كل باب ثمانية وعشرين فصلا، جعل الفصل الأول منها لما يكون أوله همزة، والفصل الثاني لما يكون أوله باء إلى أن وصل إلى الآخر، غير أن بعض الأبواب قد تكون فصولها أقل من ثمانية وعشرين وهو الأكثر كباب الراء فإنه لا يوجد فيه فصل اللام لعدم وجود كلمة في العربية أولها لام وآخرها راء. وأقل الأبواب فصولا باب الظاء فإن فصوله ستة عشر. إذا عرفت هذا تعرف أن مثل: "برى" و "بغى" يذكرها في فصل الباء من باب الياء وذلك آخر الكتاب، وأن مثل "برء" و "بطء" يذكر في فصل الباء من باب الألف وذلك في أول الكتاب، وقد جرت عادته في الفصل أن يراعي ما بعد الأول في الترتيب فيقدم "سأر" على "سبر"، وهي على "ستر" ويقدم "خردل" على "خزعل" و "عبقر" على "عبهر" (10)، وقد قال هذا الإمام الجوهري في مقدمة كتابه "الصحاح": (الحمدلله شكرا على نواله، والصلاة على محمد وآله، أما بعد: فإني قد أودعت هذا الكتاب ما صح عندي من هذه اللغة التي شرَّف الله تعالى منزلتها، وجعل علم الدين والدنيا منوطا بمعرفتها، على ترتيب لم أسبق إليه، وتهذيب لم أغلب عليه، في ثمانية وعشرين بابا وكل باب منها ثمانية وعشرون فصلا على عدد حروف المعجم وترتيبها، إلا أن يهمل من الأبواب جنس من الفصول، بعد تحصيلها بالعراق رواية، وإتقانها دراية، ومشافهتي بها العرب العاربة في ديارهم بالبادية، ولم آل في ذلك نصحا، ولا ادخرت وسعا، نفعنا الله وإياكم به) (11). وعلى طريقة الجوهري سلك الإمام رضي الدين الحسن الصغاني في كتابيه "العباب" و "التكملة" والإمام جمال الدين في كتابه "لسان العرب". @ الطريقة الثالثة: طريقة الجمهور: قال طاهر الجزائري في كتابه "الكافي في اللغة": (وقد رتب السالكون عليها كتبهم على حروف المعجم معتبرين فيها أوائل الكلم فيذكرون في الباب الأول وهو باب الألف ويراد بها هنا الهمزة كل كلمة في أولها ألف مثل "أب" و"ألو" و "أبي"، وفي الباب الثاني وهو باب الباء كل كلمة في أولها باء مثل: "بر" و"بري" ولا يزالون على هذا النهج إلى أن يصلوا إلى النهاية وهي باب الياء. وقد جعلوا كأصحاب الطريقة الجوهرية في كل باب فصولا ناظرين فيها إلى ثواني الكلم فيذكرون في الفصل الأول ما يكون ثانيه همزة وفي الثاني ما يكون ثانيه باء وفي الفصل الثالث ما يكون ثانيه تاء ولا يزالون على ذلك إلى أن يصلوا إلى النهاية. فالحرف الأول عند هؤلاء كالحرف الأخير عند الجوهري والحرف الثاني عندهم كالحرف الأول عنده، فمثل: "أبي" تذكر عندهم في أول الكتاب في فصل الباء من كتاب الألف، وتذكر عند الجوهري في آخر الكتاب في فصل الألف من كتاب الياء، ويقدمون بعض كلمات الفصل على بعض بالنظر إلى ما بعد الحرف الثاني فيذكرون "برج" مثلا قبل "برنج" قبل "برزخ" و "عندل" قبل "عندم" و "سنبك" قبل سندس، وعلى هذه الطريقة جرى ابن فارس في "المجمل" والهروي في "الغريبين" والراغب الأصفهاني في "المفردات" والزمخشري في "اساس البلاغة" وابن الأثير في "النهاية"، قال ابن فارس صاحب كتاب "المجمل في اللغة": (وذلك أني خرجته على حروف المعجم وجعلت كل كلمة أولها باء في كتاب الباء حتى أتيت على الحروف كلها، فإذا احتجت إلى الكلمة نظرت إلى أول حروفها فالتمستها في الكتاب الموسوم بذلك الحرف فإنك تجدها مصورة في الحاشية ومفسرة من بعد) (12). وقال الإمام الهروي في كتابه "الغريبين" (... نبدأ بالهمزة فنفيض بها على سائر الحروف حرفا حرفا ونعمل لكل حرف بابا ونفتتح كل باب بالحرف الذي يكون أوله الهمزة ثم الباء ثم التاء الى آخر الحروف إلا أن لا نجده فنتعداه إلى ما نجده على الترتيب فيه، ثم نأخذ في كتاب الباء على هذا العمل إلى أن ننتهي بالحروف كلها إلى آخرها ليصير المفتش على الحرف إلى إصابته من الكتاب بأهون سعي وأخف طلب) (13). قلت: قال طاهر الجزائري: (وقد جعل بعض المؤلفين بدل قولهم باب كذا قوله كتاب كذا، وبدل قولهم فصل كذا قوله باب كذا وربما ترك بعضهم ذكر لفظ الفصل في العنوان واكتفى بقوله الألف مع الباء مثلا، والخطب في ذلك سهل) (14)، وإلى هذا نكون قد أجزنا لطالب اللغة العربية والمتخصص في علم المعاجم طرق وكيفية البحث عن الكلم في معاجم وقواميس اللغة العربية. ونختم بقول أحمد شوقي أمير الشعراء: أودعك لسانك واللغات فربما غني الأصيل بمنطق الأجداد الذي ملأ اللغات محاسنا وجعل الجمال وسره في الضاد [/b] | |
|