الصيف
ببساطة يعني شمسا أشد وأحد، حيث تسقط أشعتها رأسية أكثر على بلادنا، فتبهر
أبصارنا وتشوي جلودنا، يفر من وهجها وحرها كثيرون، ويعجز كثيرون عن
الفرار. يلوذ البعض بظل الأشجار والسقوف، ويخرج البعض إلى الشواطئ
للابتراد بماء البحر ونسيمه، ويصعد البعض نحو المصايف الجبلية، وهناك قلة
ممن يرومون البحار والجبال خارج عالمنا العربي. ومن هؤلاء وهؤلاء توجد قلة
تتشبث بشمس الصيف لتمنحهم سمرة برونزية السمت، الأغلب منهم نساء، يرون في
هذه السمرة البرونزية التي يعبرون عنها بمصطلح «برونزاج» لمسة جمال
وفتنة، وشحنة طاقة وصحة، وربما الرغبة في إظهار مجرد قدرتهن على
«التصييف». ولا بأس بذلك كله، فـ «الدفا - بالفعل - عفا»، لكن الشمس بقدر
ماهي واعدة بكثير من الخير، تنطوي على بعض الأذى إن لم نتعامل معها بحرص
وحكمة، خاصة وأن القدرة على احتمال حرارة الشمس وأشعتها، ليست متساوية لدى
كل الناس. فكل إنسان مؤهل وراثيا، تبعا لتركيب جيناته، لدرجة معينة من
الاحتمال، حدها الأعلى 150 ألف ساعة على مدى العمر لدى السمر، والأدنى 50
ألف ساعة لدى ذوي البشرة الفاتحة الحساسة، مع ملاحظة أن القدرة على احتمال
حرارة الشمس وتأثيرات أشعتها تقل مع العمر.
الجلد يدافع عن نفسه : إن
شمس الصيف لا تتوقف تأثيراتها عند التسخين الذي تحدثه الأشعة تحت الحمراء،
فهناك الأشعة فوق البنفسجية وتأثيراتها الضارة خاصة بعد اتساع ثقب الأوزون
وتسرب الكثير من هذه الأشعة إلى جو الأرض، وهذه الأشعة فوق البنفسجية
يتفاوت تأثيرها بين بقعة وأخرى، فالمياه تعكس منها 10.5 %، و يعكس العشب
3%، والرمال 30.15%، والثلج 90%. فكما تختلف القدرة على احتمال تأثيرات
الشمس بين شخص وآخر، يختلف التأثير من مكان لآخر، مع ملاحظة أن الغيوم لا
تحجب الأشعة فوق البنفسجية تماما، فالغيوم لا تحجب غير 50% من هذه الأشعة،
لهذا يجب ألا يأمن المتشمسون لأذى الأشعة فوق البنفسجية حتى في الأيام
الغائمة.
فماذا يتوجب على طالبي وطالبات «البرونزاج» أن يتوقعوه عند تعاطيهم لما يسمونه «حمامات الشمس»؟.
قبل أن نبحث عن إجراءات الوقاية، يحسن بنا أن نفهم ماذا يحدث عند التعرض للشمس.
فعند التعرض للشمس يقوم الجلد للدفاع عن نفسه بوسيلتين، أولهما نضح الماء
للتبريد في هيئة عرق يتبخر فيخفف من تسخين الجلد حتى لا يصاب بالحروق،
وثانيهما إنتاج خلايا الجلد لمزيد من الميلانين، وهو صبغيات داكنة، للحئول
دون تغلغل التأثيرات الضارة لأشعة الشمس على الخلايا الجلدية، سواء كانت
هذه التأثيرات حرارية حارقة أو إشعاعية تضر بالجهاز الوراثي في الخلايا
وتتسبب في حدوث الأورام.
هذان النوعان من دفاعات الجلد عن نفسه، ينطويان على فوائد ومضار، أما
الفائدة في إطار حديثنا عن «البرونزاج» فهي اكتساب اللون الأسمر من خلال
تكاثر إفراز صبغة الميلانين، وأما الضرر فهو إصابة الجلد بالجفاف، فالجلد
يحتوي على 70% من تكوينه ماء، وإذا زادت نسبة فقد الجلد للماء جراء التعرض
المفرط لحرارة الشمس، تسبب ذلك في جفافه نتيجة لاختلال التركيبة الدهنية
المائية التي تصون مرونته ونضارته، وتكون النتيجة إصابة الجلد بالشيخوخة
المبكرة وظهور التجاعيد التي تبدأ سطحية وعابرة، ثم تتحول إن لم تتم
معالجتها إلى عميقة ودائمة.
برونزاج، لكن بحذر : إذن، من دفاع الجلد عن نفسه نحصل على السمرة، لكن مع هذه السمرة البرونزية التي يتوخاها البعض ،لا
ينبغي أن نتنازل عن ماء الجلد ، حارس حيويته ونضارته. بداية ينبغي أن
يكون التعرض للشمس تدريجيا، وعلى فترات قصيرة تتوقف فور الإحساس بسخونة
الجلد غير المفرطة، ودائما ينبغي الابتعاد عن الفترة التي تكون أشعة الشمس
فيها عمودية، من الثانية عشرة ظهرا تقريبا إلى الثالثة عصرا على وجه
التقريب، مع استعمال كريمات واقية، ويُفضّل عدم الاعتماد على الكريمات
المحضرة في المنزل لهذا الغرض، فكريمات التحضير المنزلي لاتحتوي على
العنصر المعدني الواقي من الأشعة فوق البنفسجية، بينما يتوافر هذا العنصر
في الكريمات المحضرة دوائيا. أما بعد التعرض للشمس، فهناك إجراءات لابد
من القيام بها لاستيعاب التأثيرات الجانبية للتشمس خاصة ما يتعلق بفقد
الجلد للماء، ولابد من تنظيف الجلد مما يعلق به من ملح في مياه البحر إذا
كان التعرض للشمس يتخلل السباحة أو يعقبها.
للترطيب : الخيار
ثمار متواضعة لكنها كريمة الفائدة، ليس للجهاز الهضمي وحده حيث تقوم بدور
مهضِّم ومنظف بما تحتوية من إنزيمات وألياف لكنها أيضا ذات أثر مرطب ومريح
للجلد، وبوضع حبة خيار في الخلاط وتصفية الخليط للحصول على عصير الخيار،
وإلى عصير الخيار نضيف ملعقتين من زيت اللوز الحلو، وبعد الخض الجيد لهذا
المزيج من عصير الخيار المصفّى وزيت اللوز الحلو نحصل على سائل عذب
الترطيب للبشرة ويفضل وضعه مساء، ولا نظن أنه سيثير الكثير من استياء
الزوج أو استغراب الأولاد عندما يرون أمهم مدهونة بهذا الطلاء شبه الشفاف،
وهو افضل على أية حال من مرطبات صناعية ثقيلة الوطء على الجلد وعلى عين
المشاهدين أيضا!
للتهدئة : توصي
خبيرة التجميل صوفي « لاكوست « بخفق بياض بيضة مع محتويات علبة زبادي غير
محلى وبلا أي إضافات، زنة 125جرامًا، ومن هذا المزيج ينتج (كريم) يوضع على
الوجه والعنق ويترك حتى يجف ثم يُغسل بمياه باردة، ويجب تجفيف الوجه بقطنة
بعد الغسيل مباشرة طبقا للتعليمات المشددة لخبيرة التجميل التي لابد أن
وصفتها المهدئة للجلد المتشمس تنتمي إلى ماقبل هياج.. إنفلونزا الدجاج!
للتحميص! : نحمد
الله أنه حبا الكثرة من نسائنا وبناتنا سمرة طبيعية تتهافت للحصول عليها
بيضاوات الغرب، لكن هناك من بين بناتنا ونسائنا من يتهافتن على بعض من هذه
السُمرة مع لمسة برونزية، ولهؤلاء نختار لهن وصفة طبيعية قدر الإمكان، حيث
كل ماهو طبيعي أفضل مما هو كيماوي صناعي على أية حال. وتتكون هذه الوصفة
من مزج ملعقتين من الطحين مع ثلاث ملاعق من الزبادي البريء من التحلية
والإضافات ويضاف إلى المزيج خمس نقاط من زيت الجزر العطري، ثم يوضع الناتج
كقناع يطيل عمر الاسمرار البرونزي، ويُترك القناع لعشرين دقيقة قبل إزالته
بسائل منظف (ويُستحسن التواري عن الأنظار خاصة أنظار الأزواج خلال هذه
الدقائق العشرين من التنكُّر بقناع البيض والطحين وزيت الجزر!) فمعادلة
الحصول على «برونزاج بلا إزعاج» لاتعني فقط عدم إزعاج جلود المتشمسات، بل
حتما عدم إزعاج الأولاد، والأزواج !