عدد الرسائل : 1085 العمر : 60 نقاط : 6208 تاريخ التسجيل : 29/07/2008
موضوع: بلاغة التشبيه السبت 29 أغسطس 2009 - 19:03
بلاغة التشبيه
بلاغة التشبيه: تنشأ بلاغة التشبيه من أنه ينتقل بك من الشيء نفسه إلى شيء طريف يشبهه، أو صورة بارعة تمثله. وكلما كان هذا الانتقال بعيداً قليلَ الخطور بالبال أو ممتزجاً بقليل أو كثير من الخيال، كان التشبيه أروعَ للنفس وأدعى إلى إعجابها واهتزازها. أما بلاغته من حيث الصورةُ الكلامية التي يوضع فيها أيضاً، فأقل التشبيهات مرتبة في البلاغة ما ذُكرت أركانه جميعها. لأن بلاغة التشبيه مبنيّة على ادعاء أن المشبه هو عين المشبه به، ووجود الأداة ووجه الشبه يَحُولان دون هذا الادعاء. فإن حذفت الأداة وحدَها أو وجه الشبه وحدَه، ارتفعت درجة التشبيه في البلاغة قليلاً، لأن حذف أحد هذين يقوى ادعاء اتحاد المشبه والمشبه به بعض التقوية. أما أبلغ أنواعه فالتشبيه البليغ، لأنه مبني على ادعاء أن المشبه والمشبه به شيء واحد. و للمزيد أكثر : بلاغة التشبيه وبعض ما أثر منه عن العرب والمحدثين تنشأ بلاغة التشبيه من أنه ينتقل بك من الشيء نفسه إلى شيء طريف يشبهه أو صورة بارعة تمثله وكلما كان هذا الانتقال بعيداً قليل الخطورة بالبال، أو ممتزجاً بقليل او كثير من الخيال، كان التشبيه أروع للنفس وادعى إلى إعجابها واهتزازها. فإذا قلت: فلان يشبه فلاناً في الطول، أو إن الأرض تشبه الكرة في الشكل، أو إن الجزر البريطانية تشبه بلاد اليابان لم يكن لهذه التشبيهات أثر للبلاغى لظهور المشابهة وعدم احتياج العثور عليها إلى براعة وجهد أدبي ولخلوها من الخيال. وهذا الضرب من التشبيه يقصد به البيان والإنصاح وتقريب الشيء إلى الأفهام وأكثر ما يستعمل في العلوم والفنون. ولكنك تأخذك روعة التشبيه حينما تسمع قول المعرى يصف نجماً: يسرع المح في احمار كما تسارع في اتلمح مقله الغضبان() فإن تشبيه لمحات النجم وتألقه مع احمرار ضوئه بسرعة لمحة الغضبان من التشبيهات النادرة التي لا تنقاد إلا لأديب ومن ذلك قول الشاعر: وكأن النجوم بين داجاها سنن لاح بينهن ابتداع فإن جمال هذا التشبيه جاء من شعورك ببراعة الشاعر وحذقة في عقد المشابهة بين حالتين ما كان يخطر بالبال تشابههما وهما حالة النجوم في رقعة اليل بحال السنن الدينية الصحيحة متفرقة بين البدع الباطلة ولهذا التشبيه روعة أخرى جاءت من أن الشاعر تخيل أن السنن مضيئة لماعة وأن البدع مظلمة قائمة. ومن ابدع التشبيهات قول المتنبي: بليت بلى الاطلال إن لم أقف لها وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه يدعو على نفسه بالبلى والفناء إذا هو لم يقف بالاطلال ليذكر عهد من كطانوا بها ثم أراد أن يصور لك هيئة وقوفه فقال: كما يقف شحيح فقد خاتمة في التراب من كان يوفق إلى تصوير حال الذاهل المتحير المحزون المطرق برأسه المنتقل من مكان إلى مكان في اضطراب ودهشة بحال شحيح فقد في الرتاب خاتماً ثميناً ولو أردا لك أمثلة من هذا النوع لطال الكلام. هذه هي بلاغة التشبيه من حيث مبلغ طرافته وبعد مرماه ومقدار ما فيه من خيال أما بلاغته من حيث الصورة الكلامية التي يوضع فيها أيضاً فأقل التشبيهات مرتبة في البلاغة ما ذكرت أركانه جميعها. لأن بلاغة التشبيه مبنية على ادعاء أن المشبه عين المشبه يه ووجود الأداة وجه الشبه معاً يحولان دون هذا الإدعاء فإذا حذفت الأداة وحدها أو وجه الشبه وحده ارتفعت درجة التشبيه في البلاغة قليلاً، لأن حذف أحد هذين يقوي أدعاء اتحاد المشبه والمشبه به بعض التقوية أما أبلغ أنواع التشبيه فالتشبيه البليغ لأنه مبني على إدعاء ان المشبه والمشبه به شيء واحد. هذا وقد جرى العرب والمحدثون على تشبيه الجواد بالبحر والمطر والشجاع بالاسد والوجه الحسن بالشمس والقمر والشهم الماضي ف يالامور بالسيف والعالي المنزلة بالنجم والحليم الرزين بالجبلن والاماني الكاذبة بالاحلام والوجه الصبيح بالدينار والشعر الفاحم بالليل والماء الصافي باللجين والليل بموج البحر والجيش بالبحر الزاخر والخيل بالريح والبرق والنجوم بالدرر والأزهار والأسنان بالبرد واللؤلؤ والسفن بالجبال والجداول بالحيات الملئوية والشيب بالنهار ولمع السيوف وغرة الفرس بالهلال ويشبهون الجبان بالنعامة والذبابة والثيم بالثعلب والطائش بالفراش والذليل بالوتد والقاسي بالحديد والصخر والبليد بالحمار والبخيل بالأرض المجدية. وقد اشتهر رجال من العرب بخلال محمودة فصاروا فيها أعلاماً فجرى التشبيه بهم فيشبه الوفي بالسموؤل1 والكريم بحاتم، والعادل بعمر2، والحليم بالأحنف، والفصيح بسحبان، والخطيب، بقُسٍّ3 واشجاع بعمرو بن معد يكرب، والحكيم بلقمان والذكي بإياس. واشتهر آخرون بصفات ذميمية فجرى التشبيه بهم أيضاً فيشبه العي بباقل5 والأحمق بهبنَّقة6 والنادم بالكُسَعيِّ والبخيل بمارد8 والهجاء بالحُطيئةِ9، والقاسي بالحجاج1