هو كلام منظوم على وزن مخصوص وظهر في أواخر القرن الثالث الهجري وسمي بموشح لما فيه من ترصيع وتزين فكنه شبه بوشاح المرأة المرصع باللؤلؤ والجواهر ومن قواده مقدم بن معافرا القدي وأبي عبادة بن ماء السماء.
♠ أسباب ظهور الموشحات :
1. تأثر الشعراء العرب بالأغاني الأسبانية الشعبية المتحررة من الأوزان والقوافي .
2. ميل النفوس للرقة والدعابة في الكلام .
3. الشعور بضرورة الخروج من الأوزان القديمة المعروفة
4. سهوله الموشحات للغناء والتلحين
5. اشتمالها على الألفاظ عامية وشعورهم بالملل من النظم على وتيرة القصائد القديمة
6. ميلهم إلى تسكين أواخر الكلام .
♠ أجزاء الموشحات :
1. المطلع و المذهب واللازمة هو القفل الأول من الموشحات وقد يحذف من الموشح ويسمى عند ذلك بالأقرع الآبيات هي أجزاء مألوفة مفردة أو مركبة تكون متفقة مع آبيات الموشحة باقية في الأوزان ومدوا الآبيات وعدد الأجزاء لا قوافي
2. القفل هو الجزء المؤلف الذي يجب إن يكون متفقا مع بقية الأقفال في الأوزون والقوافي أجراء الذي يتكرر.
3. الدور هو يتكون من البيت والقفل الذي يليه .
4. السمط هو كل جزء أو شطر من اشطر البيت
5. الغصن هو كل جزء أو شطر من اشطر القفل
6. الخرجة هي القفل الأخير من الموشح .
الموشحات
الموشحات جمع موشحة، و هي مشتقة من الوشاح وهو -كما في المعاجم- خيطان من لؤلؤ وجوهر منظومان يخالف بينهما معطوف أحدها على الآخر. والتسمية دقيقة إذ الموشحة تتألف من قفل يسمى مركزا، وتتعدد أجزاؤه أو شطوره، و يليه غصن متعدد الأجزاء أو الشطور، و بينما تتحد أجزاء الأقفال التالية مع الأجزاء المقابلة لها في القفل الأول سواء في الوزن أو القافية تختلف أجزاء الأغصان التالية مع أجزاء الغصن الأول في قافيته، فلكل غصن قافية تتحد في أجزائه أو شطوره مع اتفاق أجزاء الأغصان جميعا في الوزن. و الموشحة -بذلك- تتألف من مجموعتين من الأجزاء أو الشطور، مجموعة تتحد أجزاؤها المتقابلة في الأقفال المتعاقبة في الوزن والقافية، ومجموعة تتحد أجزاؤها في الوزن وحده دون القافية فإنها تتخالف فيها دائما، وهما -بهذه الصورة-يشبهان الوشاح المذكور آنفا أدق الشبه.
نشأة الموشحات:
والموشحات قد نشأت في الأندلس، أواخر القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) وكانت نشأتها في تلك الفترة التي حكم فيها الأمير عبد الله، وفي هذه السنين التي ازدهرت فيها الموسيقى وشاع الغناء من جانب، وقوى احتكاك العنصر العربي بالعنصر الأسباني من جانب آخر. فكانت نشأة الموشحات استجابة لحاجة فنية أولا، ونتيجة لظاهرة اجتماعية ثانيا، أما كونها استجابة لحاجة فنية، فبيانه أن الأندلسيين كانوا قد أولعوا بالموسيقى وكلفوا بالغناء، منذ أن قدم عليهم زرياب، و أشاع فيهم فنه. والموسيقى والغناء إذا ازدهرا كان لازدهارهما تأثير في الشعر أي تأثير. وقد اتخذ هذا التأثير صورة خاصة في الحجاز والعراق حين ازدهر فيهما الغناء والموسيقى في العصر الأموي ثم العباسي. وكذلك اتخذ هذا التأثير صورة مغايرة في الأندلس حين ازدهر فيها الغناء والموسيقى في الفترة التي نسوق عنها الحديث. فيظهر أن الأندلسيين أحسوا بتخلف القصيدة الموحدة، إزاء الألحان المنوعة، وشعروا بجمود الشعر في ماضيه التقليدي الصارم، أمام النغم في حاضره التجديدي المرن. و أصبحت الحاجة ماسة إلى لون من الشعر جديد، ويواكب الموسيقى و الغناء في تنوعها واختلاف ألحانها ومن هنا ظهر هذا الفن الشعري الغنائي الذي تنوع فيه الأوزان وتعدد القوافي، والذي تعتبر الموسيقى أساسا من أسسه، فهو ينظم ابتداء للتلحين والغناء.
وأما كون نشأة الموشحات قد جاءت نتيجة لظاهرة اجتماعية، فبيانه أن العرب امتزجوا بالأسبان، وألفوا شعبا جديدا فيه عروبة وفيه أسبانية، وكان من مظاهر الامتزاج، أن عرف الشعب الأندلسي العامية اللاتينية كما عرف العامية العربية، أي أنه كان هناك ازدواج لغوي نتيجة للازدواج العنصري.
مخترع الموشحات:
وقد كان مخترع الموشحات في الأندلس شاعرا من شعراء فترة الأمير عبد الله اسمه مقدم بن معافر القبرى. وقد جاء في بعض نسخ كتاب الذخيرة لابن بسام أن مخترع الموشحات اسمه محمد بن محمود. والمرجح أن مخترع هذا النوع الشعري هو مقدم بن معافر، وعلى ذلك أكثر الباحثين. على أن بسام لم يجزم حين ذكر هذا الأخير، و إنما قال: ((و أول من صنع هذه الموشحات بأفقنا واخترع طريقتها - فيما يلقى- محمد بن محمود القبرى الضرير)). ولعل كون الشاعرين من قبرة جعل ابن بسام يضع اسما محل اسم، فكأنه قد بلغه أن الشاعر القبرى فلانا قد اخترع الموشحات، فذكر محمد بن محمود ونسى اسم مقدم. وقد وردت هذه الموشحة منسوبة إلى هذا الأندلسي في كثير من المصادر الموثوق بها مثل جيش التوشيح لابن الخطيب.
أساس الموشحات:
حين يعود كاتب القصة إلى نفسه ليستمد من مخزون تجارية لا يستمد من هذا الرصيد كل ما يَعِنُّ له، بل ينتقي منه و يختار ما هو لازمٌ لنسيج قصته. فالمواقف و الأحداث التي تطالعنا في إحدى قصصه ليست بالضرورة سلسلةً متصلةَ الحلقات من المواقف و الأحداث التي وقعت في الحياة على هذا النسق، بل كثيراً ما تكون أشتاتاً من المواقف و الأحداث التي مر بها أو عرفها، حتى إذا جاءت عملية الإبداع الفني للقصة راح يختار من هذه الأشتات ما يراه لازماً لتكوين نسقٍ خاصٍ منها، له هدفه المحدَّد، و له مغزاه. و قد تكون الواقعة تاريخيةً و يجد نفسه مضطراً إلى الارتباط بها أو بمجملها، و مع ذلك لا يفتأ يستمد من رصيده الخاص من الخبرات ما يكون ملائماً لصياغة هذه الواقعة صياغةً جديدة، تجعل لها مغزى خاصاً.
تطور الموشحات:
وقد كانت فترة نشأة الموشحات، كفترة نشأة أي فن، من حيث مشاهدتها لأولى المحاولات التي غالبا ما يعفى عليها الزمن. ومن هنا ولبعد الزمن بتلك الفترة، لم تبق لنا من هذه الموشحات الأولى التي نظمها مقدم و أمثاله أي نماذج. ولكننا نستطيع أن نتصورها موشحات بسيطة التركيب قليلة التعقيد، تتخذ مجالها من الموضوعات الغنائية كالخمر والطبيعة والغزل، وتكتب كلها باللغة العربية، ما عدا الخرجة، التي تكتب باللغة الأندلسية الشعبية. كما كانت ترضى بقالبها ولغتها و أغراضها حاجة الأندلسيين حينئذ، وتعكس اختلاط عنصريهما وامتزاج لغتيهما، وشيوع الغناء والموسيقى بينهم. وقد تطورت الموشحات تطورا بعد فترة من نشأتها تطورات عديدة، وكان من أهمها تطور أصابها في القرن الخامس الهجري، أيام ملوك الطوائف. ثم تطور آخر بعد ذلك بقليل فرع عنها ما يسمى بالزجل، حتى أصبح هذا الاتجاه الشعبي ممثلا في لونين: لون الموشحات، وقد صارت تكتب جميعا باللغة الفصحى، ولون الأزجال وقد صارت تكتب جميعا باللغة العامية.
وانتقل هذان اللونان من الأندلس إلى المشرق، فكثر فيه الوشاحون والزجالون. وعرفهما كذلك الأدب الأوروبي، فتأثر بهما شعراء جنوب فرنسا المسمون (التروبادور)، كما تأثر بهما كثيرون من الشعراء الأسبان الغنائيين. وانتقل التأثير إلى الشعر الإيطالي ممثلا في عدة أنواع، مثل النوع الديني المسمى(لاودس) والنوع الغنائي المسمى (بالآتا) وقبل أن نختم حديث الموشحات، نعرض نموذجا يتضح معه ما سبق أن ذكرناه من اشتمال الخرجات كثيرا على ألفاظ من عامية الأندلس التي تمتزج فيها العربية ((بالرومانسية)). يقول بعض الأندلسيين :
متَّعـت قلبي عشـقـا لحظات بابليــة
لائمي مـنه مـوقى ولمى ثغـر مـفلج
سكن مــثواه قلبي بـــأبي لـو قلبه
أو يرى روعـة سرب قلما يأمـن سربه
فأنا قد ضاع حسبي حسب عذالي وحسبه
من سمات الوجد حقا هــذه يـا عاذليه
وهى في دمعي غرقى زفـرات تـتوهج
ثم يمضي الشاعر في ذكر أغصان الموشحة وأقفالها، حتى يختمها بهذه الأشعار :
دى ذا العنصرحقا ألب ديه إشت ديه
وتشق الرمح شقا بشترى مو ألمدبح
فهذا الختام الذي ختمت به الموشحة مزيج من ألفاظ عربية وأخرى ((رومانثية )) والفقرة الأولى معناها: ((هذا اليوم يوم فجري)) أي مشرق. فالكلمة الأولى منها كلمة ((ألب)) من الكلمة الأسبانية alba بمعنى فجر. والكلمة الثانية وهى ((ديه)) معناها: يوم و هي بالأسبانية dia. والكلمة الرابعة و هي ((اشت)) معناها: هذا، و بالأسبانية esta أما الفقرة الثانية، فمعناها (( يوم العنصرة حقا)) و العنصرة عيد من أعياد الأندلسيين