أحمد أمين
وُلد أحمد أمين إبراهيم في (2 من محرم 1304هـ= 11 من أكتوبر 1886م) في القاهرة، من أسرة محافظة تتمتع بقدر كبير من العلم والمعرفة. فقد كان والده أزهريا مولعا بجمع كتب التفسير والفقه والحديث، واللغة والأدب، بالإضافة إلى ذلك كان يحفظ القرآن الكريم ويعمل في الصباح مدرسا في الأزهر، ومدرسا في مسجد الإمام الشافعي، وإماما للمسجد، كما كان يعمل مصححا بالمطبعة الأميرية.وهكذا تفتحت عينا أخمد أمين على القرآن الكريم الذي يتلوه أبوه صباح مساء.
واهتم والده به منذ صغره، وساعده في حفظ القرآن الكريم، وفرض عليه برنامجا شاقا في تلقي دروسه وعوده على القراءة والإطلاع.ودخل أحمد أمين الكُتَّاب كما دخل المدرسة الابتدائية، وأعجب بنظامها إلا أن أباه رأى أن يلحقه بالأزهر، ودرس الفقه الحنفي؛ لأنه الفقه الذي يعده للقضاء الشرعي.
واستطاع بعد جهد أن يجتاز أحمد أمين اختبارات مدرسة القضاء الشرعي ، والتحق بها في (1325هـ= 1907م)، وكانت المدرسة ذات ثقافة متعددة دينية ولغوية وقانونية عصرية وأدبية، وتخرج منها سنة (1330هـ= 1911م) حاصلا على الشهادة العالمية،ليشتغل مدرسا بها . وفي هذه المرحلة تفتحت نفس الشاب على معارف جديدة، وصمم على تعلم اللغة الإنجليزية فتعلمها بعد عناء طويل.وبعدما قضى 15 عاما في هذه المدرسة ونال فيها أكثر ثقافته وتجاربه؛تركها مكرها وفي ذلك يقول :"بكيت عليها كما أبكي على فقد أب أو أم أو أخ شقيق".
ثم اتصل بالجامعة سنة (1345هـ= 1926م) عندما رشحه الدكتور "طه حسين" للتدريس بها في كلية الآداب،؛ فكانت خطواته الأولى في البحث على المنهج الحديث في موضوع المعاجم اللغوية، وكانت تمهيدا لمشروعه البحثي عن الحياة العقلية في الإسلام التي أخرجت "فجر الإسلام" و"ضحى الإسلام".
وتولى في الجامعة تدريس مادة "النقد الأدبي"، ورُقِّي إلى درجة أستاذ مساعد من غير الحصول على الدكتوراه، ثم إلى أستاذ فعميد لكلية الآداب سنة (1358هـ= 1939م)،
وقد أصبح عضوا بمجمع اللغة العربية سنة (1359هـ= 1940م) بمقتضى مرسوم ملكي، وكان قد اختير قبل ذلك عضوا مراسلا في المجمع العربي بدمشق منذ (1345هـ= 1926م)، وفي المجمع العلمي العراقي، وبعضويته في هذه المجامع الثلاثة ظهرت كفايته وقدرته على المشاركة في خدمة اللغة العربية.
وقد كانت المعرفة والثقافة والتحصيل العلمي هي الشغل الشاغل لأحمد أمين، حتى إنه حزن حزنا شديدا على ما ضاع من وقته أثناء توليه المناصب المختلفة، ورأى أن هذه المناصب أكلت وقته وبعثرت زمانه ووزعت جهده مع قلة فائدتها، وأنه لو تفرغ لإكمال سلسلة كتاباته عن الحياة العقلية الإسلامية لكان ذلك أنفع وأجدى وأخلد.
وقد امتازت كتاباته بدقة التعبير وعمق التحليل والنفاذ إلى الظواهر وتعليلها، والعرض الشائق مع ميله إلى سهولة في اللفظ وبعد عن التعقيد والغموض؛ فألّف حوالي 16 كتابا، كما شارك مع آخرين في تأليف وتحقيق عدد من الكتب الأخرى، وترجم كتابا في مبادئ الفلسفة.
وقد أصيب أحمد أمين قبل وفاته بمرض في عينه، ثم بمرض في ساقه فكان لا يخرج من منزله إلا لضرورة قصوى، ورغم ذلك لم ينقطع عن التأليف والبحث حتى توفاه الله في (27 من رمضان 1373هـ= 30 من مايو 1954م
آثاره:
1_ فجر الإسلام: يقع في عدة أجزاء كبار عن تاريخ الحياة العقلية في الإسلام منذ ظهوره وحتى سقوط الخلافة العباسية، تعرّض فيه كاتبه لآلاف الآراء، ومئات الشخصيات، لا بد أن توجد فيه بعض الأمور والآراء التي تحتاج إلى تصويب، دون أن يذهب ذلك بفضله وسبقه وقيمته.وقد وجد أحمد أمين صعوبة كبيرة في تحليل الحياة العقلية العربية، ويقول في ذلك: "لعل أصعب ما يواجه الباحث في تاريخ أمته هو تاريخ عقلها في نشوئه وارتقائه، وتاريخ دينها وما دخله من آراء ومذاهب".
2_ضحى الإسلام: تحدث عن الحياة الاجتماعية والثقافية ونشأة العلوم وتطورها والفرق الدينية في العصر العباسي الأول.
3_ فيض الخاطر: جمع فيه مقالاته المختلفة في "الرسالة" و"الثقافة"... وغيرهما، وبلغت حوالي 900 مقالة في عشرة أجزاء.
4_حياتي : الذي دوّن فيه سيرته الذاتية، ويقول عن هذا الكتاب: "لم أتهيب شيئا من تأليف ما تهيبت من إخراج هذا الكتاب"، ونشر قبل وفاته بأربع سنوات.
أما كتبه الأخرى فهي: "ظُهر الإسلام"، و"يوم الإسلام"، زعماء الإصلاح في العصر الحديث" و"قاموس العادات والتقاليد المصرية"، و"النقد الأدبي"، و"قصة الأدب في العالم"، و"قصة الفلسفة"... وغيرها.
--------------------------------------------------------------------------------