عبد العزيز إبراهيم سليم
لقد اتفق خبراء الاجتماع وعلماء النفس والتربية على أهمية إشراك المراهق في المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته ، وتعويده على طرحها، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة ، وكذا إحاطته علماً بالأمور الجنسية عن طريق التدريس العلمي الموضوعي ، حتى لا يقع فريسة للجهل والضياع أو الإغراء
كما أوصوا بأهمية تشجيع النشاط الترويحي الموجه والقيام بالرحلات والاشتراك في مناشط الساحات الشعبية والأندية ، كما يجب توجيههم نحو العمل بمعسكرات الكشافة ، والمشاركة في مشروعات الخدمة العامة والعمل الصيفي... إلخ ، كما أكدت الدراسات العلمية أن أكثر من 80% من مشكلات المراهقين في عالمنا العربي نتيجة مباشرة لمحاولة أولياء الأمور ـ أباءا ومعلمين ـ تسيير أولادهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم ، ومن ثم يحجم الأبناء ، عن الحوار مع الكبار ؛ لأنهم يعتقدون أنهم إما لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم ، أو أنهم لا يستطيعون فهمها أو حلها .
وقد أجمعت الاتجاهات الحديثة في دراسة طب النفس أن الأذن المصغية في تلك السن هي الحل الأمثل لمشكلاتهم ، كما أن إيجاد التوازن بين الاعتماد على النفس والخروج من زي النصح والتوجيه بالأمر ، إلى زي الصداقة والتواصي وتبادل الخواطر ، و بناء جسر من الصداقة لنقل الخبرات بلغة الصديق والأخ لا بلغة ولي الأمر ، هو السبيل الأمثال لتكوين علاقة حميمة بين الكبار والصغار في سني مراهقتهم .
وقد أثبتت إحدى الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية على حوالي 400 طفل ، بداية من سن رياض الأطفال وحتى سن 24 على لقاءات مختلفة في سن 5 ، 9 ، 15، 18، 21، أن المراهقين في الأسرة المتماسكة ذات الروابط القوية التي يحظى أفرادها بالترابط واتخاذ القرارات المصيرية في مجالس عائلية محببة يشارك فيها الجميع ، ويهتم جميع أفرادها بشؤون بعضهم البعض ، هم الأقل ضغوطًا ، والأكثر إيجابية في النظرة للحياة وشؤونها ومشاكلها ، في حين كان الآخرون أكثر عرضة للاكتئاب والضغوط النفسية .
وترى بعض الدراسات أن هذه المرحلة من حياة الإنسان مهمة برغم أنها تختلف من فرد إلى آخر، فإذا ما كانت صحة الطفل جيدة ولديه أصدقاء ويحب اللعب والذهاب إلى المدرسة فسيكون مهيئاً بصورة أفضل لخوض إشكالات هذه السن ، ولكن لن يكون بمقدوره الإفلات منها ، فالتغيرات الطارئة على جسده واكتشافه الحياة الجنسية واكتسابه رؤى جديدة حول العالم ، كل هذه المسائل لا يمكن أن يمر بها من دون التعرض لأية اضطرابات ، بعض المراهقين يعبرون عنها بصورة قوية والبعض الآخر يعيشونها على نحو رتيب . أو بتبنيهم أسلوب حوار عدواني ، يحاول المراهقون أن يثبتوا مقدرتهم على التخلص من سلطة الكبار . وهذا أمر غير مقلق إذ كل ما يحتاجه الأبناء هو أن يكف الكبار عن معاملتهم كأطفال صغار.
ويرى بعض الباحثين الآخرين أن مرحلة المراهقة تبدأ بشكل بيولوجي «عضوي» وهو البلوغ ثم تكون في نهايتها ظاهرة اجتماعية ، حيث يقوم المراهق بأدوار أخرى ما كان يفعلها من قبل وبهذا المعنى فإن المراهقة عملية بيولوجية نفسية اجتماعية تسير وفق امتداد زمني متأثرة بعوامل النمو البيولوجي والفسيولوجي وبالمؤشرات الاجتماعية والحضارية والجغرافية ، فهي مرحلة مرتبطة بتغيرات فزيولوجية في الجسم ، ومنها تغير الأعضاء الجنسية التي يكتمل نموها .
عبد العزيز إبراهيم سليم