[size=24]بمناسبة المناقشة التي أثيرت حول مسالة اللباس و مراقبة الوالدين و المربين للباس الأولاد سأدرج لكم هنا هذا الموضوع المفيد بإذن الله تعالى
[/size]
الجزء الأول :
حوار مع الدكتور : يوسف محمد العبد الله
أستاذ القياس والتقويم النفسي والتربوي بجامعة قطر
عنوان الحلقة : سيكولوجية اللباس
تاريخها : 7/3/2000
ضيف الحلقة د. يوسف محمد العبد الله
أستاذ القياس والتقويم النفسي والتربوي بجامعة قطر
[b]أ . المطوع : السلام عليكم نلتقي معكم إخواننا المشاهدين وأخواتنا المشاهدات، في حلقة جديدة من «البيوت السعيدة»، خصصنا حلقة اليوم لموضوع غريب بعض الشيء، إلا أن له علاقة هي من صميم البيوت السعيدة، وقبل أن نذكر عنوان الحلقة أود أن أذكر هذه القصة: في يوم من الأيام طلب الخليفة (عبد الملك بن مروان) من جلسائه في مجلسه أن يأتوه غداً وكل شخص منهم قد لبس أجمل ما عنده من ثياب وحلي وحلل، وفي الغد جاء كل الوزراء والأمراء والجلساء وقد لبس كل شخص منهم أجمل وأفضل الثياب، إلاّ شخصاً واحداً، وكان من العلماء الأجلاء - فإنه أتى بلباسه المعتاد الذي يأتي به كل يوم، لما أدار الخليفة (عبد الملك) بصره على الحضور لاحظ لباس هذا العالم العادي، فقال الرجل: أتمنى أن تعذرني يا أمير المؤمنين، فهذا هو لباسي، وليس عندي لباس غيره كبقية الأمراء والوزراء! فقال له (عبد الملك): إنك تزّين الثوب ولا يُزينك الثوب وعنوان حلقتنا اليوم: (أزياء الأسرة وسيكولوجية اللباس)، لاشك أن كثيراً من المشاكل تحدث بسبب اللباس، ومشاكل بين الزوجين من أجل لباس الأولاد، ومصاريف اللباس وميزانية الأسرة لذلك، ونحن سنفتح الباب اليوم للحديث عن هذا الموضوع، ونرحّب بضيفنا الدكتور (يوسف محمد العبد الله) فأهلاً بك دكتور. ونودّ هنا أن نسألك: ما هو سر اهتمامك بهذا الموضوع، مع أنك متخصص في علم النفس؟
د. يوسف: أشكرك على هذه البداية اللطيفة. في الحقيقة بدأ اهتمامي عندما دعيت إلى محاضرة في (جامعة قطر) عن (سيكولوجيا الأزياء)، ثم بعد أن انتهيت من هذه المحاضرة وبعد محاورة ونصح بعض الزملاء قررت تحويل المحاضرة إلى كتاب، مع زيادة البحث والتقصي والدراسة الوافية، بعنوان (سيكولوجيا الأزياء والتفسير النفسي لسلوك اللباس )
تعريف اللباس وفلسفته
أ. المطوع: نحب في البداية أن نأخذ فكرة عن تعريف اللباس، وما هي فلسفته؟
د. يوسف: الملبس كما هو معروف لغوياً: كل ما يلبس، وقد يكون خاتماً، وقد يكون السلاح أيضاً!! وهذا التعريف عام يشمل كل ما يلبس، والملبس في الحقيقة هو شيء من الزينة، يقول الله تعالى: {لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} (النور: 3)، والمراد هنا أمران: إما ما ظهر بكل ما تحمله من زينة، وإن كنا سنركز في هذا اللقاء على الملابس والفساتين أكثر مما سنركز على ملحقات الملابس والفساتين.
العلاقة بين اللباس والعمر
أ. المطوع: لكونك عملت بحثاً في هذا المجال، هل هناك علاقة بين اللباس والسن؟ يعني لباس الرضيع يختلف عن الطفل، وعن لباس المراهق، وعن لباس المرأة والكبير، ولباس المرأة عن لباس الرجل، وهكذا.......؟
د. يوسف: الحديث عن اللباس والعمر هو الحديث عن النماء لدى الإنسان والتطور، ففي كل مرحلة من مراحل النماء الإنساني هناك (عامل) يحدد ملبس الإنسان، ففي حالة (الرضيع) فإن العامل المحدد للباس هو (الراحة) فيجب اختيار اللباس المريح، ثم في المرحلة التالية (الطفولة المبكرة)، والتي تبدأ من سن (ستة أشهر فأكثر) فإن العامل يزداد، وتبدأ الأمور تتعقد، ولا نكتفي بعامل (الراحة) فقط، فهناك مثلاً عامل (الكفاءة) وهذا ما يثبت أنّ لكل مرحلة عاملاً أو عوامل تحدد نوعية اللباس.
لباس المراهقين
أ. المطوع: ولو أخذنا (المراهقين) مثلاً، فما هي أبرز المعايير لملابس المراهقين؟ خاصة أننا نجد كثيراً من الأمهات والآباء يشتكون من لباس أولادهم المراهقين، وأنه لا يتوافق مع عاداتهم أو تقاليدهم أو ثقافتهم، فما هي معايير لباس المراهقين، وما هي نوعية اللباس الذي يحبونه؟
د. يوسف: بالإضافة إلى عامل الراحة وعامل الكفاءة - والمقصود هنا أن يكون للطفل القدرة في أن يلبس ويخلع اللباس، وطبعاً هذه تأتي من سنتين فأكثر -، فعند المراهقين يُضاف عامل جديد، وهو عامل (الثقة بالذات)، فهو عندما يلبس ملابس معينة إنما يريد التعبير عن ثقته بنفسه أمام الآخرين، وطبعاً هناك عوامل كثيرة تؤثر في الثقة بالنفس واختيار للملابس، ومن أبرز هذه المؤثرات ظاهرة (الأقران) - الأصحاب من نفس السن - فالأقران ظاهرة رئيسية محددة في سلوك المراهق ولباسه، وأحياناً تحدث المشاكل مع الوالدين لأنَّ المراهق يريد تقليد (الأقران).
مفتاح قلب المراهق
أ. المطوع: فلنتحدث عن مشكلة موجودة، فكثير من الآباء يشتكي: أن لباس ابنه المراهق يختلف تماماً عما يريده له من لباس، وبالتالي فإن الأب يعاني، ويُكلم الابن فيقول: أنا أحب أن ألبس ملابس ضيقة، والوالدان لا يريدانه أن يلبس (الضيق)، والمشكلة نفسها مع الفتاة، خاصة التي عمرها 16 أو 15 سنة فهي تلبس (الستريتش) وهي الملابس الضيقة، والأم والأب غير راضين بهذا، بل يحدث العكس أحياناً، فالوالدان أو أحدهما يريد ابنته أن تلبس (الاستريتش) والبنت تقول: لا إنني أريد أن أتحجب!! فهذا الاختلاف أصبح مشكلة، فكيف نحل هذا الإشكال؟ ونخفف حدة الصراع بين الآباء والأبناء؟
د. يوسف: في البداية يجب أن نعي هذه المعادلة، فمن السهولة أن نسيطر على المراهق، فيمكن مثلاً أن أضّر المراهق أو أنفعه بتحديد مأكولاته فأنا قد أضع في الثلاجة ( فواكه وخضروات ) وحينما يجوع يأكلها !! وممكن أن أضع في الثلاجة المشروبات الغازية والشوكولا ونحو ذلك ، فأنا أتحكم علمياً فيما يأكل الطفل ، وحتى عندما أغير نوعية الطعام فإنه قد يتضايق قليلاً ثم يعتاد بعد ذلك .
ولا أقول : إن عالم الأشياء غير مهم ، إلا أن عالم العواطف يبقى الأهم ، ويجب على المربين أن يساهموا في عملية توجيه المراهق وإرشاده ، إلى أن يمر من هذه الفترة الحرجة بسلام .
أزياء الأسرة السعيدة
أ . المطوع : هل يتصور أن هناك أزياء خاصة بالأسرة السعيدة ، وأزياء بالأسرة غير السعيدة ؟ وهل هذا السؤال فلسفي ليس له قيمة ؟!
د. يوسف : أنا أعتقد أن الأسرة السعيدة هي الأسرة التي تهتم بمظهر أبنائها وأطفالها كما تهتم بمظهر أفرادها ، وعندها القدرة على إيجاد هذا التعادل ، والأسرة السعيدة هي التي تستطيع أن تلبس لكل مناسبة لباسها المخصص والمناسب لها ، وهذا ما نجده في أزياء الأسرة السعيدة أما الأسرة غير السعيدة فنجد لها بعض المظاهر ، مثل أن تجد أزياء أفرادها غير مرتبة ، وبتعبيرنا العامي ( مبهدلة ) ونحو ذلك . وأقول هنا : ليس بالضرورة أن يكون هذا مطرداً فقد نجد بعض الأسر حسنة في مظهرها كئيبة في مخبرها ( داخلاً ) فهذه مسألة واردة .
لباس الزوج يدل على الزوجة !!
أ . المطوع : عندنا أن الزوج إذا كان لباسه غير مرتب فهذا دليل على أن زوجته غير مرتبة وإذا صار الزوج مرتباً فهذا دليل على أن زوجته كذلك ( أنيقة ) فما رأيك في هذه المقولة ؟
د. يوسف : لا شك أن الزوج والزوجة كلاهما يؤثر في الأخر وصحيح أن هناك ( مظهراً ) ومخبراً وأن المظهر ينبؤك عن المخبر إلا أننا نجد في الناس من يتخصص في المظاهر أكثر وبعضهم يتخصص في المخابر أكثر إلا أنه يوجد ما يسمى الحد الأدنى والحد الأدنى أن تكون الملابس نظيفة وأن تكون مناسبة ، وأن تكون مقبولة من الطرفين ( الزوج والزوجة ) ، فهناك حدود دنيا ، وإن كان بعضها يغلب على بعض أحياناً .
الحكم على الخاطب من ملابسه !
أ . المطوع : وهل من الممكن أن تحكم المخطوبة على الخاطب من خلال ملابسه !
د. يوسف : أنا أقول : نعم ولا !! ف نعم بالنسبة للوهلة الأولى ، والإنسان لا تعرفه إلا من مظاهره ، مثل الشخص الذي يريد أن يتقدم إلى وظيفة في الجامعة فالطرف الآخر لا يعرف إلا أوراقك ولهذا يجب أن تنسخ الأوراق على الطابعة وأن تكون مرتبة وأن تكون حسناً في مظهرك حتى تترك الانطباع الجيد أولاً.
ولكن قد يكون هذا المظهر مظهراً مخادعا ً !! وقد تجد إنساناً متواضعاً في ملبسه لكنه كبير في فكرة وعقله ولهذا تدخل أمور أخرى ومتغيرات وعوامل في الحكم على الإنسان غير أمر اللباس .
أ . المطوع : والأمر نفسه ينطبق على الفتيات أم لا ؟ لأن اهتمام المرأة باللباس والأزياء أكثر ، وبالتالي لا تستطيع أن نحكم على المرأة من لبساها ؟
د. يوسف : أعتقد أن الحكم على المرأة يكون من لباسها وأيضاً بالمقارنة مع السن فالفتاة يختلف لباسها عن المرأة الناضجة, وعادة تنظر إلى الجوهر على أنه الأصل وليس المظهر وإنما المظهر هو انعكاس لذلك الجوهر .
العامل الخارجي ( المظهر )
أ . المطوع : أحد مصممي الأزياء الفرنسيين قال : أنا أستطيع بـ ( جرة ) قلم أو بـ ( سطر أو خط ) من قلم أن اجعل المرأة كاسية عارية !! وهو مصمم ، وكل نساء العالم تتبعه في الأزياء التي يضعها ، وعندما نصبح نحن ولبسانا معرضون للتغير بمجرد ( جرة قلم ) والرجل مقيم في فرنسا وكل بناتنا يتبعون هذا الرجل ، أليس هذا انهزاماً ؟!
د. يوسف : أعتقد أن الرجل لم يقل الكلمة عن فراغ ، ,إنما قالها وهو يعي تماماً أن العامل الذي يؤثر في الإنسان ، ويحكم العالم اليوم هو العامل الخارجي مع أن المفروض أن العامل الداخلي هو الأصل وهو المؤثر وقد قال تعالى ( قل هو من عند أنفسكم ) فلفت الانتباه إلى العامل الأصلي والأساسي, فهذا المصمم لم يقل من فراغ وهو يعرف الواقع الذي يعيشه الناس وعندما يتغير هذا الواقع فستتغير كلماته بالتأكيد .
نفقة الملبس على الزوج
أ . المطوع : معنا الآن على الهواء من قطر الشيخ ( طايس الجميلي ) فأهلاً بك ,
ونود أن نسألك بعض الأسئلة الفقيهة في موضوع ( أزياء الأسرة ) ومن المعروف أن الشرع أوجب على الزواج نفقة الملبس لزوجته ، وإذا كانت الزوجة ( شرهة ) في طلب الملابس الكثيرة فهل الزوج ملزم بتلبية طلباتها ، وأن يشترى لها كل يوم ( فستان ) وبدلة ! أن هناك معايير محددة ؟
الشيخ الجميلي : الزوجة المسلمة والزوج المسلم محكومان بالشريعة الإسلامية في كل تصرفاتهما واللباس من هذه التصرفات ، وبالنسبة للنفقة فالمسلم مأمور بأن ينفق على زوجته من سعته ، كما قال تعالى ( لينفق ذو سعة من سعته ) فالموضع متروك لسعة الرجل وقدرته ، كما أنه متروك لطبقة المرأة ومثيلاتها ، فإذا تزوج من طبقة معينة وجب عليه أن يكون الإنفاق عليها من جنس طبقتها ، وإلا فلماذا رضي بها وتزوجها ؟ ولا يمكن أن يفرض عليها ( حال التقشف ) الذي تعيشه طبقة معينة من المجتمع .
هذه النفقة فضيلة
أ . المطوع : وما هي حدود النفقة ؟ هل اللباس شهري أم سنوي أم يومي ؟ هل هناك قدر معين ؟
الشيخ الجميلي : المنصوص عليه في الفقه أن اللباس فصلي، ملابس الشتاء وملابس الصيف ، ولكل فصل بدلتان ( فستانان ) وهذا هو الواجب شرعا ً فإن غسلت بدلة أو اهترأت ، استعانت بـ ( البدلة ) الثانية !!
أ . المطوع : وهل تتوقع يا شيخنا أن هذا الطرح واقعي ؟! وزوجاتنا يردن كل يوم الآن ؟
الشيخ الجميلي : ليس تصرفهن الآن واقعياً ، كم أن هذا الطرح ليس بواقعي ، والرجل في ذلك الزمان كانت تكفيه ( بدلة ) واحدة لسنة كاملة ! وهنا أقول يجب عدم الإسراف والتبذير ويجب أن نرفع واقعنا إلى أحكام الشريعة ، ويجب ألا يتحكم الواقع في الشريعة فيبقى هناك مناسبتان للباس ، الشتاء والصيف .
نفقة الملبس للزوجة الموظفة
أ . المطوع : وإذا كانت لزوجة موظفة ، فهل يلزم الزوج بإعطائها نفقة الملبس ؟
الشيخ الجميلي : الزوج مكلف بذلك وعليه كسوتها وطعامها ما دامت خرجت بإذنه وبموافقته وقبوله ، وإن طلبت ذلك فهو من حقها .
[/b]