إبن جني :هو أبو الفتح عثمان بن جني المشهور بـابن جني عالم نحوي كبير، ولد بالموصل عام 322 هـ،نشأ وترعرع في الموصل وتعلم النحو على يد الأستاذ أحمد بن محمد الموصلي الأخفش,وكان على المدرسة البصرية في اللغة إلا أنه كان يأخذ وينقل عن غير مدرسته ,ومن أساتذته النبغاء أبو علي الفارسي,وإبن جني أصله رومي إذ أن أباه (جني) كان عبدا روميا مملوكا لسليمان بن فهد بن أحمد الأزدي الموصلي، ولم يُعرف عنه شيء قبل مجيئه الموصل، وإلى هذا أشار ابن جني نفسه بقوله في جملة أبيات:
فإن أصبح بـلا نسب فعلمي في الورى نسبي
على أنـي أؤول إلـى قـرومٍ سـادة نجـب
قياصـرة إذا نطـقـوا أرَمّ الدهر ذو الخطب
أولاك دعا النبي لهـم كفى شرفاً دعاء نبـي
نبذة عن حياته:
كما سبق ذكره أنه نشأ في الموصل وتعلم فها ,وبعدها نزل بغداد واستفر فيها الى أن وافته المنية,وكان يدرس في بغداد النحو واللغة العربية,تزوج وأنجب ثلاثًا من الأبناء وهم: علي وعالٍ وعلاء، وكلهم أدباء فضلاء، قد خرجهم والدهم وحسن خطوطهم، فهم معدودون في الصحيحي الضبط وحسني الخط، بحسب تعبير ياقوت.
رافق أبا علي الفارسي وأخذ عنه اللغة ونزل معه بغداد ,ولما توفي أبا علي الفارسي تسلم مكانه في التدريس والحلقة,وإعتنى بالتصريف حتى قال عنه ياقوت:"فما أحد أعلم منه به ولا أقوم بأصوله وفروعه، ولا أحسن أحد إحسانه في تصنيفه",كما وكانت له صحبة وألفة مع المتنبي وقد لازمه دهرًا طويلًا وقرأ عليه ديوانه ثم شرحه بعد ذلك ونبه على معانيه وإعرابه،حتى أصبح ديوان المتنبي على الأرض وقال فيه المتنبي:" "ابن جني أعرف بشعري".
وكان شاعرًا أديبًا ذا حس مرهف ومن شعره قصيدة يرثي فيها المتنبي:"
غاض القريض وأودت نضرة الأدب وصوّحت بعـدري دوحـة الكتـب
سلبت ثـوب بهـاء كنـت تلبسـه لّمـا تخطّفـت بالخطّيّـة السـلـب
ما زلت تصطحب الجلّى إذا نزلـت قلباً جميعاً وعزمـاً غيـر منشعـب
وقد حلبت، لعمر، الدّهـر أشطـره تمطـو بهمّـة لا وان و نـصـب
من للهواجل يحيي ميـت أرسمهـا بكـلّ جائلـة التصديـر والحقـب
قبـاء خوصـاء محمـودٍ علالتهـا تنبـو عريكتهـا بالحلـس والقتـب
أم من لسرحانهـا يقريـه فضلتـه وقد تضور بيـن اليـأس والسغـب
أم من لبيض الظبـى توكافهـنّ دمٌ أم من لسمر القنا والزغف واليلـب
أم للجحافل يذكـي نـار جاحمهـا حتّى يفرّيهـا عـن ساطـع اللّهـب
أم للمحافـل إذ يـبـدو ليعمـرهـا بالنظم والنّثر والأمثـال والخطـب
أم للصّواهـل محمّـراً سرابلـهـا من بعد ما غربت معروفة الشّهـب
أم للمناهـل والظلـمـاء عاكـفـةٌ يواصل الكرّ بين الـورد والقـرب
أم للقساطـل تعتـمّ الحـزون بهـا أم من لضغم الهزبر الضّيغم الحرب
أم للضراب إذا الأحساب دافع عـن تدنيسها شفرات الوكّـف القضـب
أم للمـلـوك يحلّيـهـا ويلبسـهـا حتى تمايس فـي أبرادهـا القشـب
وأما تلاميذه:
1.الثمانيني،
2. عبد السلام البصري،
3. أبو الحسن السمسمي.
مؤلفاته:يعتبر كتاب:"الخصائص" من أهم ما ترك إبن جني لما فيه من مادة نحوية , وهو كتاب في أصول النحو على مذهب أصول الكلام والفقه، احتذى ابن جني في مباحثه النحوية منهج الحنفية في أصول الفقه، وقد بناه على اثنين وستين ومائة بابا، تبدأ بباب القول على الفصل بين الكلام والقول، وتنتهي بباب في المستحيل وصحة قياس الفروع على فساد الأصول، وقد أهداه لبهاء الدولة البويهي، الذي ولي السلطنة من سنة تسع وسبعين وثلاثمائة إلى ثلاث وأربعمائة من الهجرة.
وأما مؤلفاته الآخرى:
1-التمام في تفسير أشعار هذيل مما أغفله السكري
2-سر الصناعة
3.تفسير تصريف المازني
4- شرح المقصور والممدود لابن السكيت
5 - تعاقب العربية
6- تفسير ديوان المتنبي الكبير، ويسمى الفسْر
7 - تفسير معاني ديوان المتنبي، وهو شرح ديوان المتنبي الصغير
8 - اللمع في العربية
9 - مختصر التصريف المشهور بالتصريف الملوكي
10 - مختصر العروض والقوافي
11 - الألفاظ المهموزة
12 - المتقضب
13- تفسير المذكر والمؤنث ليعقوب.
وفاته:
توفي في بغداد، وفي خلافة القادر، وتحديدا يوم الجمعة لليلتين بقيتا من صفر، سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة من الهجرة