شرح قصيدة لأبي الطيب المتنبي
صـحـب الـناس قبلنا ذا الزّمانا *** وعـنـاهـم مـن شأنه ما عنانا
وتـولـّوا بـغـصّـة كـلّهم منــــــــــــــــــــه وإن سـر بـعـضـهـم أحيانا
ربـّمـا تـحـسن الصنيع لياليــــــــــــــــــه ولـكـن تـكـدر الإحـسـانا
وكـأنـّا لم يرض فينا بريب الــــــــــــدهر حـتـى أعـانه من أعانا
كـلـمـا أنـبـت الـزمان قناة ** *ركـّب الـمـرء فى القناة سنانا
ومـراد الـنـفوس أصغر من أن*** تـتـعـادى فـيـه وأن تـتـفانى
غـيـر أن الـفـتى يلاقى المنايا *** كـالـحـات ولا يـلاقى الهوانا
ولـو أن الـحـيـاة تـبقى لحى *** لـعـددنـا أضـلـنـا الشجعانا
وإذا لـم يـكـن مـن الموت بد *** فـمـن الـعـجز أن تموت جبانا
كل ما لم يكن من الصعب فى الأنــــفس سـهـل فـيها إذا هو كانا
1/ عناه الأمر أهمه : أي كل من صحب الزمان اهتم بشأنه كما نهتم نحن
2/ تولوا أي ذهبوا. يقول : لم ينل أحد مراده من الدنيا فمات بغصته وإن سر في بعض الأحيان .
3/ الليالي قد تحسن ولكن إحسانها لا سلم من الكدر لأن من عادتها أن ترد ما أحسنت به أو تدخل عليه
أحوالا أخر تنغصه وتفسده
4/ ريب الدهر حوادثه. ومن فاعل يرض أو أعانه على التنازع . يذكر تعادي الناس وما يقع بينهم بسبب ذلك
من المحن حتى كأن بعضهم يعين الدهر على بعض.يقول كأن الذي يعين الدهر على نكاية أهله لم يرض بما تجر
حوادث الدهر من البلاء فزاد عليها بلاء العداوة والشر
5/ القناة عود الرمح. والسنان نصله يقول: كلما انتدب الزمان للإساءة بنائبة كانت عداوة العدو مددا لتلك
النائبة فجعل القناة مثلا لصرف الدهر والسنان مثلا لنكاية العدو
6/ ويروى نتعادى ونتفانى بنون المتكلمين، أي الذي تريده النفوس من جاه الدنيا وحطامها أحقر من تعادي
بعضها بعضا لأجله وتتفانى بسببه .
7/المنايا جمع منية وهي الموت . وكالحات عابسات : يعني أن الكريم يحتمل الموت ويقدم عليه ولا يحتمل الدل
8/ أي لو كانت الحياة باقية لكان الشجاع الذي يتعرض للقتل أجهل الناس يعني أن الحياة لا تبقى ولو جبن الإنسان
وحرص على أسباب البقاء
9/ يؤكد ما قاله في البيت السابق يقول:إذا كان الموت لابد منه ولا يسلم منه شجاع ولا جبان فالجبانة من عجزالهمة
10/ يكن تامة . وكذا قوله كانا في آخر البيت . ومن الصعب خبر كل . وسهل خبر آخر، أي إنما يصعب الأمر على النفس قبل وقوعه فإذا وقع هان .
العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب / المجلد الثاني / ص:346/347