شرح قصيدة"أنا"
قصيدة : أنا
التعريف بالشاعر
ولد أبو ماضي في قرية "المحيدثة" من قرى لبنان سنة 1889م
وفي أحدى مدارسها الصغيرة درس ثم غادرها إلى مصر في سنّ الحادية عشرة في الإسكندرية ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان أحد أعضاء الرابطة القلمية البارزين حتى عد من كبار شعراء المهجر
شعره: يمتاز بالبساطة والوضوح والصدق والتفاؤل وقد يعمق بالفلسفة أحيانا وبشعره أصبح من رواد الشعر الحديث وينتمي إلى مدرسة المهاجر الشمالية
دواوينه: ـ تذكار الماضي. ـ الجداول. ـ الخمائل.
توفي سنة 1957م
مناسبة القصيدة
في المجتمع الأمريكي كان يسود اعتقاد أن للإنسان أفضلية إذا كان لون ابيض ويمنع حقوق كثيرة إذا كان أسود اللون وهو ما يسمى بالتفرقة العنصرية التي تشتهر بها أمريكا فحدد صفات الرجل المثالي بصرف النظر عن لونه وجنسه.
1)حر ومذهب كل حر مذهبي *** ما كنت بالغاوي ولا المتعصب
حر : أبي يرفض الذل والخضوع – مذهب : طريق - الغاوي : الضال-المتعصب : المتشدد . في صورة نفسه يخبر أن الرجل المثالي هو الحر الأبي المهذب ليس ضالا فاسد الاعتقاد وليس متشددا ولا يميل مع الهوى ولا ينتصر للباطل
2)إني لأغضب للكريم ينوشه ***من دونه وألوم من لم يغضب
ينوشه يصيبه بالسوء ويؤذيه – من دونه : من هو أقل منه- ألوم : اعتب
وإني لأتألم للشريف الأصيل حينما يؤذيه من هو أقل منه وأعتب على من لا يغضب له وبين أغضب ، لم اغضب طباق السلب بين المثبت والمنفي
3)وأحب كل مهذب ولو أنه *** خصمي ، وأرحم كل غير مهذب
هو يحب المهذبين ولو كان بينه وبينهم اختلاف في الرأي فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ويستشعر الرحمة لغير المهذبين ويشفق عليهم ويطلب لهم الهداية والصلاح وبين مهذب وغير مهذب طباق السلب.
4)يأبى فؤادي أن يميل إلى الأذى *** حب الأذية من طباع العقرب
وهو لا يؤذي ويمتنع فؤاده وقلبه عن ذلك لأ،ه لا يحب الأذية والضرر ويمتنع عنها لأنها ليست من طباع الأسوياء ولكنها من طباع العقارب تلك الحشرات الضارة فدون ذنب تلسع السم وهنا تشبيه ضمني حيث أن الطبيعة العدوانية لبعض الناس كطبيعة العقرب العدوانية
5)لي أن أرد مساءة بمساءة ***لو أنني أرضى ببرق خلب
وهو لا يرد الإساءة بالإساءة ولكنه يترفع عن النزول إلى مستوى المسيء فيستويان في الإساءة ولكنه ذو نفس كبيرة لا ترضى بكسب نصر عابر لا قيمة له فرده على المسيء انتصار خادع كالبرق أظهر ومضا ولم ينزل مطرا وبرق خلب هو البرق الخادع ليس له مطر أي سحاب يومض برقه حتى يرجى مطره ثم يخلف وبنقشع
6)حسب المسيء شعوره ومقاله ***في سره : يا ليتني لم أذنب
فالعقوبة الكافية للمسيء ما يعانيه من وخز في ضميره حينما يترك بلا عقاب وقوله لنفسه نادما أتمنى لو لم أكن أخطأت وليتني لم أذنب : كناية عن الندم
7)أنا لا تغشني الطيالس والحلى *** كم في الطيالس من سقيم أجرب؟
لا غشني : لا تخدعني – الطيالس : جمع طيلسان وهو نوع من الثياب الفاخرة يلبسها أشراف الناس – الحلي ما تتزين به المرأة وهو لا تخدعه الظواهر فكم وراءها من أمور خادعة لا فكم من ثياب فاخرة وراءها أخلاق فاسدة ورب متأنقين ونفوسهم مريضة فالأجرب أجرب ولو كان في أعظم الثياب والعظيم عظيم ولو كان أشعث أغبر. لا تغشني الطيالس كناية عن الظواهر الجميلة.
عيناك من أثوابه في جنة ***ويداك من أخلاقه في سبسب
سبسب : صحراء جرداء- تسعد وأنت تنظر إليه وكأنك في حديقة ذات شجر ونخل ( والعين ترى الظاهر) وتلمس يداك أخلاقه السيئة وكأنك في صحراء جرداء ( واليد تلمس الحقيقة) هناك مقابلة بديعة بين عيناك من أثوابه في جنة وبين ويداك من أخلاقه في سبسب
9) وإذا بصرت به بصرت بأشمط *** وإذا تحدثه تكشف عن صبي
أشمط : اختلط سواد شعره ببياض الشيب – ولا ينخدع بمن يعطي أحيانا صورة الكبير وقد ظهر الشيب في رأسه فأظهر العقل والحكمة ولكن إذا تكلم عرف بتصرفات الصبيان الطائشون الفارغون وأفعالهم مقابله بديعة بين الشطرين
10) أني إذا نزل البلاء بصاحبي ***دافعت عنه بناجذي وبمخلبي
11) وشددت ساعده الضعيف بساعدي وسترت منكبه العري بمنكبي
الناجذ : الضرس – المخلب هو للوحوش بمثابة الظفر للإنسان – ساعده : ذراعه - منكبه: مجتمع رأس العضد والكتف..... فهو رجل يحافظ على الصديق ويدافع منه بكل ما يملك من قوة إذا حل به مكرره فهو يشد أزره ويستر عيبه ... دافعت عنه بناجذي وبمخلبي : أسلوب خبري يفيد التقرير والتصوير فهو يدافع عن صديقه فيطحن له أعداءه بضروسه ويشقهم بالأظافر – وإن كان الشاعر بدأ القصيدة رقيقا بالغ الرقة فهو هنا عنيفا غاية العنف في دفع المعتدي على صديقه.
12) وأرى مساوئه كأني لا أرى *** وأرى محاسنه وإن لم تكتب
يعمى عن مساوئه وتكبر في عينه محاسنه – أرى ، لا أرى طباق سلب ، مساوئ ومحاسن طباق إيجاب.
13) وألوم نفسي قبله إن أخطأت *** وإذا أساء إلي لم أتعتب
وإذا حدث خطأ يعاتب نفسه فيه ولا يعاتبه إذا أساء بل يتغاضى حرصا عليه – وألوم ولم أتعتب طباق سلب
14) متقرب من صاحبي فإذا مشت ***في عطفه الغلواء لم أتقرب
عطفه : ثوبه – الغلواء : الكبرياء – فهو لا يجفو صاحبه إلا إذا تكبر وهز عطفه تيها وأعرض عنه – متقرب ، ولم أـقرب طباق – مشت في عطفه الغلواء : كناية عن التكبر وهو أسلوب خبري تقريري تصويري .
15) أنا من ضميري ساكن في معقل *** أنا من خلالي سائر في موكب
معقل : حصن – خلالي : خصالي – موكب : محفل – هو محفوظ في حصن أمين لأن ضميره يقظ فهو من أخلاقه العظيمة كأنه هالة تزيده بهجة وبهاء – أنا من ضميري في معقل : أسلوب خبري تقريري تصويري
16) فإذا رآني ذو الغباوة دونه ***فكما ترى في الماء ظل الكوكب
ذو الغباوة : قليل الفطنة والذكاء – إن كان هناك من يظنه أقل منه فهو مخطيء غبي يشبه من ظن الكوكب في الماء فيحسبه أسفل منه وهو لم ير حقيقة الموكب وإنما رأى ظله والبيت فيه من الفخر والمغالاة بنفسه. (الموضوع منقول)