........ وهكذا وصولا الى مرحلة بارزة في تاريخ الطب وهي العهد العربي الإسلامي وما قدمه من إسهامات في هذا المجال.
فقد أنشئت في العالم الإسلامي أولى الصيدليات ومعامل الكيمياء وكانت تعد بالمئات في قرطبة وبغداد والقاهرة وكثير من المدن الأخرى، وكان العرب هم أول من قدموا لأوروبا الأدوية مثل الراوند Ruibarbo والكافورا camphor وجوز الطيب Vomicanut وعلى سبيل الذكر أورد ابن سينا في مؤلفه الطبي أكثر من سبعمائة دواء.
وجرى إنشاء أول بيمارستان ( مستشفي ومؤسسة طبية ) خلال الحكم العربي في بغداد أثناء حكم الخليفة المنصور ( 754 - 775 م )
وكانت البيمارستانات ( المستشفيات والمؤسسات الطبية الملحقة بها ) من أهم المؤسسات التعليمية في العالم العربي من أسبانيا حتى الهند العربية.
كان الأطباء العرب الأوائل بالعلاج الكلى للإنسان الفرد وليس التوقف عند مرض بعينه، حيث أنهم أدركوا العلاقات بين أحوال المريض العضوية والنفسية ومن أهم اكتشافات العرب كان اكتشاف " العدوى ".
كان العرب أول من عالج الأمراض العقلية بطريقة إنسانية ففي كل مستشفي كبير كان يوجد قسم خاص لهذه الأمراض وكان الحكام يهتمون بأمورهم، ويزورونهم أحياناً.
فرق الأطباء العرب بين الأمراض العصبية والنفسية، فالأمراض العصبية هي الأمراض التي ترجع إلى أسباب عصبية أي عضوية أو جسمية.
وقد فرق الأطباء العرب بين الأمراض العصبية والنفسية من جهة وبين الأمراض العقلية أو الذهانية من جهة أخرى حيث أن هذه الأخيرة تدل على الجنون ، فالمريض يعتبر خطرا على نفسه وعلى المجتمع الذي
يعيش فيه.
وهكذا انتقلت كل العلوم الإسلامية والطب العربي العظيم إلى أوروبا وذلك بفضل الروابط. القوية بين الباحثين الأوائل من المسيحيين ومن بينهم روجر باكون Roger Bacon " الذي يعرف بأنه مبتكر العلوم في أوروبا والذي استقى المعرفة من العرب، كذلك جربوتو Gerberto، الذي أصبح فيما بعد البابا سيل فستر الثاني والذي عاش قبل باكون وكان يعيش في قرطبة المسلمة حيث درس على يد الأساتذة العرب، أيضاً ألبرت العظيم Albert the Great الذي يشير في مؤلفاته إلى ما يقرب من اثني عشر عالماً عربياً اطلع جيداً على كتبهم من خلال ترجماتهم اللاتينية، وأخيراً وتفادياً للإطالة نذكر رايمندوليليو Raimundo Lulio المولود في باليرز والذي كان يتقن اللغة العربية وتحوي مكتبته مئات المؤلفات الإسلامية، ومنها استقى معرفته العلمية العالية.
الا انه في العصور الوسطى تعرض علماء الطب في أوروبا أحيانا الى التكفير ومواجهة التعصب الفكري، فعلى سبيل العدّ لا الحصر نذكر بأن نقاش نظريات أرسطو وخاصة قالينوس في العصور الوسطى كان يعتبر بمثابة الكفر, بالإضافة لوقوف الكنيسة ضد أفكار التشريح.
وعرف الطّبيب السّويسري الكبير MICHEL SERVET مصيرا أتعس لأنّه أعاد إلى الأذهان سنة 1553 نظرية الدّورة الدمويّة التي قال بها ابن نفيس وقد اعتبرت نظريّته إلحادا ومات الرّجل محروقا وهو حيّ في مدينة جوناف.
وبهذا بدأت مرحلة جديدة ومتطورة في تاريخ الطب مبنية أساسا على ما نهله الغرب من علوم الشرق بالإضافة الى ما قدمه علماء ومفكري الغرب حديثا من ابتكارات و اكتشافات ساهمت بشكل فعال بحدوث قفزة في علم الطب.....