ما هو النقد الأدبي؟؟؟؟
النقد الأدبي هو:فن دراسة الأعما ل الأدبية,دراسة تقوم على التحليل والشرح والتفسير,لتذوقها تذوقا صحيحا,والحكم لها أوعليها بموضوعية وإنصاف.ويختلف متذوقو الأدب في نظرتهم للأعمال الأدبيةوحكمهم عليها باختلاف الأسس التي يعتمدون عليها في نقدهم ,والقواعد التي يتبعونها فيإصدار الأحكام . ونتيجة لذلك نجد أنواعا مختلفة من النقد, نصنفها في نوعين كبيرين هما:النقد التأثري والنقد الموضوعي
أولاً : النقد التأثري:
النقد التأثري هو كل نقد أخرجه صاحبه تحت تأثير الانطباعات الأولية السريعة,أو الأهواء الشخصية المتحيزة ,أوالمزاج الفردي الخاص ,ولم يخرجه نتيجة تأمل ودراسة مدققةتعتمد على معاييروضوابط متفق عليها.
ويكون غالبا هذا النوع من النقد أحكاما عامة غير معللة حيث يصف الناقد النص بصفة ماولا يفصلها ,ولا يبين الأسباب التي جعلته يطلقها ,كأن يقول:هذه أعظم قصة أو مقاله أو هذا أشعر بيت آو أبدعه...ويذكر أسباب سطحية غيرمقنعة لا تكفي أن يحكم عليها بهذا الحكم وغالبا ما يكون حكم الناقد على حسنةمعينه فيعممها على كل النص أو خطاء معين فيعممه.
ويتصف هذا النقد بالسذاجةوالمبالغة ,لان الناقد بناه نتيجة انفعالاته المباشرة ولم ينظر في أجزاء النص كلهاولم يهتم بالقواعد التي أتفق عليها العلماء.ويكثر هذا النوع من النقد في المراحل المبكرة من تاريخ النقد ,أي قبل أن يتحول إلى علم واسع ,ويكثر الآن عندفئات من النقاد منهم: المبتدئون الذين لم يتمرسوا في الأدب ,والمتعصبون الذين يتحمسون لأديب ما فيظهرون حسناته وحدها ,ويحكمون عليه من خلالها ويغفلون عن عثراته والمزاجيون الذين تكون لهم ميول فردية خاصة فيعجبون بالأعمال التي توافق أهواءهم ويعيبون الأعمال التي تخالفها .
وطبيعي أن مثل هذا النقد لا يفيد المجتمعات الإنسانية ,فلا يرتقي بأذواق الجمهور ,ولا يساعد الأديب على تحسين إنتاجه ,لان مقاييس الجمال والقبح فيه ذاتية وغير مستقرة.
ثانيا : النقد الموضوعي:
النقد الموضوعي هو النقدالذي يصدر عن دراسة وتمحيص ,ويلتزم الناقد فيه منهجا معينا ,ويطبق القواعد الذي أتفق عليها عدد من النقاد ويحكم ذوقه وعقله وثقافة الفنية والعامة في آن واحد,ولا يستسلم لميوله الخاصة ,ولا يتحيز ويدعم أحكامه بالحجج والبراهين.ويكون هذا النقدمفصلا ومعللا, حيث يحلل الناقد العمل الأدبي ,وينظر في أجزائه كلها,ويبين مواطن الإجادة والتقصير فيها ,ويشرح سبب حكمه عليها بالإجادة أو التقصير,ثم يبين من الأحكام الجزئية حكم عام ,يقوم فيه العمل الأدبي كله.ويقتضي هذا النوع من النقدأن تكون لدى الناقد خبرة كبيرة ,تمكنه من التحليل الدقيق والقدرة علىالمناقشة,وكذلك ذوق مدرب يساعده على تميز مستويات الجمال والقبح المختلفة ,وثقافةواسعة تعينه على الموازنة وتطبيق القواعد النقدية.ويكون حكم النقاد في النقدالموضوعي متماثلة أو متقاربة,فلو أعطينا عملا أدبيا واحد لمجموعة من النقادالموضوعيين فنقدوه ,لوجدنا نقدهم متشابها,والخلافات في ذلك محدودة,ويكون سببهاالفروق الدقيقة في الأذواق .وهنا نذكر أن النقد الأدبي يختلف عن العلومالتجريبية
( الرياضيات الفيزياء الكيمياء..) في أن قواعده ليست حقائق علمية ثابتة ,بل حقائق وجدانية,تسمح بوجود فروق محدودة بين ناقد وآخر.
ولاشك أن النقدالموضوعي نتيجة من نتائج ارتقاء النقد ,ودليل على التقدم الأدبي والحضاري,لأنه يعتمد على دراسة وتحليل,ويسلك طريق المناقشة والاحتجاج ,لكي يقنعنا بأحكامه ,وهوالذي يساعد الأدباء على تحسين إبداعهم,ويساهم في تطوير الأدب,ويرتقي بأذواق القراء.
الصفة الأولى:الموهبة النقدية
إن أول ما ينبغي أن يتصف به الناقد هو الموهبة النقدية والذوق .أماالموهبة النقدية فهي قدرة يمنحها الله لبعض الناس يستطيعون بها أن يفحصوا الأشياءفحصاً دقيقاً ,فيكتشفوا عيوبها الخفية ويحسوا بالجمال الظاهر والخفي ,ويقارنون ا بين المتشابهات , ويدركون الفروق التي لا تظهر لنا بسهولة.
صحيح أن جميع الناس أسوياءيملكون القدرة على الفحص والتمييز والمقارنة ولكن أصحاب الموهبة يملكون قدرةفائقة,فإذا سنحت الفرصة لتنمية قدراتهم والإفادة منها,أصبحوا نقاداً بارعين .
أما الذوق فهو ملكة خاصة تجعل المرء لبقاً .يحسن التصرف والاختيار والانتباه للتوافق الدقيق بين الألوان والأصوات والإشكال ,ويحس بأي تنافر بينها.
وفي ميدان النقد الأدبي تكون صفة الذوق مكملة لصفة الموهبة ومرتبطة بها غالباً فمن أوتي موهبة الإحساس بالعيوب الخفية والجمال الدقيق فسوف يستخدمها في حٌسن الاختيار وحسنالتصرف وعندما يفحص الناقد عملاً أدبياً فإن موهبته وذوقه يشتركان في إدراك الفروقالصغيرة بين معنى ومعنى وصورة وصورة ,وفي إدراك الفروق بين الألفاظ في أثناء وقعهاعلى الأذان ,وإدراك التناسق أو التنافر في ترتيب الكلمات داخل الجملة .
فالذوق إذاً صفة لازمة للناقد , ترتبط بموهبته النقدية وتكملها ليستطيع بهما معاً أن يتذوق الأعمال الأدبية ويساعد القراء على تذوقها تذوقاً صحيحاً
الصفة الثانية : الثقافة والخبرة
من الصفات المهمةللناقد الثقافة والخبرة أما الثقافة فينبغي أن يكون الناقد ذا ثقافة واسعة متنوعةومتعددة الميادين وتنقسم إلى عدة أقسام :-
1-الثقافة النقدية المتخصصة :
وذلك بأن يعرف أصو ل النقد وطرقه , فيعرف كيف يحلل النص الأدبي ويستنبط صفاته وخصائصه,ويحكم عليه كماينبغي أن يكون لديه إلمام بالتراث النقدي العربي وبالحركات النقدية التي يعاصرها ,وبالاتجاهات النقدية المهمة في العالم.
2-الثقافةالأدبية :
فالأدب ميدان النقد وموضوعه,وينبغي للناقد أن يعرف فنون الأدب وقواعد كل فن .فإن أراد أن ينقد قصيدة فلابد أن يعرف أصول الشعر وقواعدالعروض ,ويكون له إلمام بالتراث الشعري العربي ,والقيم التي كانت سائدة فيه وإذاأراد أن ينقد قصة فلابد أن يعرف قواعد القصة وأسسها الفنية ,واتجاهاتها الحديثة وهكذا بالنسبة لكل فن من فنون الأدب .
3-الثقافةالبلاغية :
التي تعينه على إدراك فصاحة الألفاظ والعبارات والأساليب البيانية المستخدمة في الأدب الرفيع ,والمحسنات البديعية الموجودة في النص ,فالبلاغة جزء أساس من النقد العربي وقد كانت ملتحمة به إلى القرن الخامس هجرية ثم انفصلت عنه ,وصارت علماً مستقلا لا غنى عنه للناقد العربي عن معرفتها .
4- الثقافة اللغوية :
وبخاصة النحو والصرف ,فبهما يستطيع الناقد أن يدرك صحة العبارة,
واستقامة الجملة ,ويضبط أي اختلاف فيهما , لان الخروج عن قواعد اللغة يفسد المعنى ويضيع جمال العمل الأدبي .
وإذا كانت كتب الأدب والبلاغة تعطي الناقد ثقافة واسعة في أصول التعبير الصحيح فإن أكبر مصدر للغةالرفيعة والبيان العظيم هو القرآن العظيم ثم الحديث الشريف ولكي يكون الناقد مثقفاًذواقاً للبيان وللأساليب الجميلة ,فلابد أن ينهل منهما ,وقد كان أسلافنا يشترطون في الناقد حفظ القرآن الكريم ,وقدر من الأحاديث الشريفة ولا شك أن الناقد العربي المسلم في عصرنا أحوج ما يكون أن يتذوق البيان القرآني المعجز وأسلوب الأحاديث الشريفة البليغ وأن يربي ذوقه عليهما,فيكسب ثقافة لغوية وبيانية عظيمة .
5-الثقافة الإسلامية :
من طبيعة عمل الناقد أن يحكم على الأفكار والمعاني في الأعمال الأدبية إضافة إلى الأساليب - لذاولكي تكون أحكام الناقد المسلم صحيحة وآراؤه سديدة وسليمة من تأثيرات التياراتالفاسدة ,ينبغي أن يتزود ما يستطيع من الثقافة الإسلامية ,وأن يمتلىء بالتصورالإسلامي للحياة وللإنسان .
وأما الخبرة العملية : فإن الناقد في حاجة إليهاليكتسب مهارة نقدية فالخبرة هي التي تميز بين الناقد المبتدى والناقد البصيرالممارس ,وهي التي تجعل أحكام مقبولة ومحترمة لدى الأدباء والجمهور .ويكتسب الناقدالخبرة عادة بالقراءة الواسعة في أعمال النقاد النابهين ,وبالممارسة والعمل الدءوب.
الصفة الثالثة : العدالةوالإنصاف
العدالة والإنصاف من الصفات التي ينبغيأن يتحلى بها المسلم بعامة,وكل من يتصدى للحكم بخاصة ,والناقد واحد من هؤلاء .لذلك ينبغي للناقد عندما ينقد عملا أدبياً أن يبتعد عن التحيز والتعصب ,والمجاملة وأن يحكم على عناصر العمل الأدبي وفق الصفات التي تتصف بها حقيقته ,وأن يعلل أحكامه ,فيبين الأسباب التي جعلته يحكم بالجودة أو الرداءة,وعليه أن يحترس من أن تدفعه عاطفته نحو أديب ما إلى إطرائه بما ليس فيه,أو بخسه حقه والتجني عليه .
ويختلف مفهوم العدالة في النقد الأدبي عنه في الأمور الأخرى في شيء واحد فقط ,وهو السماح للناقد بأن يحكم ذوقه الشخصي ,على أن يكون ذوقاً رفيعاً مدرباً,وألا أصبح حكمه قاصراَلا يؤبه له أو متحيز مجروح عدالته .
_________________
التوقيع رأينا صواب يحتمل الخطأ،ورأيكم خطأ يحتمل الصواب..وقد نختلف معك فيه ولكننا نحترمه.