دمشق: يحاول الدكتور عبد المنعم جبري في كتابه "المرأة عبر التاريخ" الصادر عن دار صفحات في دمشق عام 2008 التنقيب في محافل المرأة وتراثها الأكاديمي منذ بدء الخليقة وحتى عهد الاسلام.
يسرد الكاتب أوضاع المرأة في حضارات مختلفة، حيث لم يكن لها في شريعة مانوا عند الهنود حق في الاستقلال عن أبيها وزوجها أو والدها، فإذا مات هؤلاء وجب أن تنتمي الى رجل من أقارب زوجها وهي قاصرة طيلة حياتها، ولم يكن لها حق في الحياة بعد وفاة زوجها، بل يجب أن تموت يوم موت زوجها وأن تحرق معه، وكانت المرأة تقدم قرباناً للآلهة لترضى وتأمر بالمطر والرزق.
أما عند اليونان - كما جاء بجريدة "المستقبل" اللبنانية في عددها الصادر اليوم - فكانت المرأة عفيفة ومحصنة لا تغادر بيتها، لكن في نفس الوقت محرومة من الثقافة والتعليم والاسهام في الحياة العامة ومحتقرة حتى سميت رجساً، ومن الناحية القانونية كانت تباع وتشترى وهي بذلك مسلوبة الحرية والمكانة بكل الحقوق المدنية وليس لها حق الميراث؛ أما عند الرومان فقد كان رب الأسرة هو المالك لأفراد الأسرة وما تملك وله الحق بالبيع والشراء والسلطة على الزوجة والأبناء وزوجاتهم والبنات وله الحق ببيعهم متى شاء وله السلطة على البنات حتى الممات؛ الى أن عدل وضع الأب والرجل بحماية المرأة بموجب قوانين الألواح الاثني عشر.
وانطلق الكاتب ليوصف وضع المرأة في العصور الوسطى، فعند الفرنسيين على سبيل المثال عقد اجتماع في فرنسا سنة 586 ميلادية تم البحث فيه بشأن المرأة، وبعد النقاش قرر المجتمعون بأن المرأة هي انسان وانها مخلوقة لخدمة الرجل، وبالنسبة لوضع المرأة عند الانجليز، فقد حرّم هنري الثامن المرأة الانجليزية من قراءة الكتاب المقدس وظلت النساء حتى سنة 1850 ميلادية غير معدودات من المواطنين؛ وظللن حتى سنة 1880 ميلادية بدون حقوق شخصية ولا حق لهن في التملك الخالص، كما كانت تباع الزوجة الانجليزية خلال القرن الخامس والقرن الحادي عشر، وقد أكد الكاتب بالاعتماد على مصادر هامة على نقطة رئيسية مفادها بأنه ثمة رجال انجليز في بعض الأرياف الانجليزية يبيعون نساءهم بثمن بخس جداً.
ويعود الكاتب ليوصف وضع المرأة في الجاهلية، حيث كانت في العصور الوسطى بشكل عام تمتهن، فالمرأة في العصر الجاهلي كانت تعد عاراً وإثماً يجب التخلص منهما، وانتشرت عادة وأد البنات؛ حتى جاء الاسلام وحرّم هذه العادة الذميمة.
ومن حيث العلاقات الاجتماعية كان الزواج - وفقا لنفس المصدر - هو الأصل في العلاقة بين الرجل والمرأة ويسمى عندهم زواج البعولة؛ وينشأ بالخطبة والمهر والعقدة، ولكن أنواعاً أخرى من الأنكحة وجدت في الجاهلية الى جانب الزواج.
وانتقل الكاتب ليعرض مراحل تطور أوضاع المرأة في الاسلام، حيث أشار الى أن المجتمع العربي قبل الاسلام كان لا يقل قساوة في معاملة المرأة وامتهانها عند المجتمعات الأخرى إلا في حالات قليلة؛ ومع بعض الحرائر من نساء سادات العرب.
وجاء الاسلام ليرفع من شأن المرأة، وإجلالاً لها ـ أي المرأة ـ سميت سورة باسم النساء. وقد تضمنت سور كثيرة في القرآن الكريم إشارات الى أهمية المرأة في الاسلام والمجتمع، فضلاً عن ذلك ثمة أحاديث نبوية شريفة أكدت على ذلك. حيث قال الرسول الكريم صلوات الله عليه وآله وسلم: "ما أكرم النساء إلا كريم، وما أهانن إلا لئيم" وقال أيضاً "من كان عنده ابنة فأدبها فأحسن تأديبها وغذاها؛ فأحسن غذاءها، وأسبغ عليها من النعمة التي أسبغ الله عليه كانت ميمنة وميسرة من النار الى الجنة" وقال "من أحق الناس بصحبتي؟ قال أمك ثلاث، ثم أبوك".