الوحدة التعلمية الرابعة : الجزائر بين 1919/1989
الوصعية التعلمية الثالثة : استعادة السيادة الوطنية وبناء الدولة الجزائرية
الإشكالية: خضوع الاستعمار الفرنسي للمفاوضات بداية أخرى للجزائريين من أجل تفعيل انتصار الثورة وبناء الدولة الجزائرية انطلاقا من مواثيق الثورة التي كانت " بالشعب وللشعب " فالى أي مدى كان النجاح ؟
الكفاءة القاعدية 3 : أمام وضعيات إشكالية تعكس تطور الجزائر ما بين 1919ـ 1989 يكون المتعلم قادرا على : دراسة ظاهرة التطور باستغلال السندات المختلفة ذات العلاقة بموضوع الدراسة
السند الأول : أثناء اللقاء الثاني من اتفاقيات الاستقلال 07/مارس/ 1962 تم الاتفاق على مايلي : 1/ وقف اطلاق النار بكامل التراب الوطني ابتداء من منتصف نهار 19/مارس/ 1962، 2/ الاعتراف بالاستقلال الجزائر وسيادتها الكاملة ووحدة ترابها ،3/ تأجير قاعدة المرسى الكبير بوهران للسلطات الفرنسية لمدة 05 سنوات ، 4/ التعاون بين الجزائر وفرنسا في جميع الميادين ، 5/ اجراء عملية الاستفتاء حول تقرير المصير مباشرة عقب الفترة الانتقالية المحددة بأربعة أشهر
د/ صالح فركوس : المختصر في تاريخ الجزائر
السند الثاني:" أيها الشعب الجزائري يجب أن نستعد لتحقيق الاستقلال ، الذي ليس غاية في ذاته وانما هو وسيلة تمكننا من تغيير وضعيتنا .... انه سيتيح لنا الانتقال من حالة التعفن الاستعماري الى طور التحرر والاندفاع في معركة البناء الاقتصادي والتحرر الاجتماعي ... وان مهماتنا ان نبني مجتمعا جديدا يكون صورة لوجه الجزائر الفتية الجديدة الحرة :
بن يوسف بن خدة : شهادات ومواقف
السند الثالث: " طرأت أحداث تاريخية في الثلاثة أشهر الأخيرة من سنة 1988 غيرت بصفة حاسمة مؤسسات البلاد وخاصة بعد المصادقة وتنفيذ الاصلاحات السياسية التي اعلن عليها رئيس الدولة في خطابه بتاريخ 10/ أكتوبر 1988 ومن أبرز المنجزات المصادقة عليها دستور 23/ فبراير 1989 ، هذه الاجراءات كلها سايرت التطور الذي نقل الجزائر من نظام سياسي قائم على الحزب الواحد الى نظام ديمقراطي يقوم على التعددية الحزبية .
الدليل الاقتصادي والاجتماعي للجزائر
بعد الفشل الفرنسي في القضاء على الثورة وتزايد التأييد العالمي للقضية الجزائرية و استنكار العالم لأعمال فرنسا في الجزائر واعتراف" الأمم المتحدة في 19 ديسمبر 1960 "بحق تقرير المصير للشعب الجزائري , و بسبب الإضطرابات المختلفة التي عرفتها فرنسا نتيجة لارتفاع تكلفة الحرب في الجزائر والتي بلغت حوالي ( مليار فرنك فرنسي ) و رغم استنجادها بالحلف الأطلسي اضطرت فرنسا إلى الدخول في مفاوضات جدية مع الوفد الجزائري والتي توجت باتفاقات إيفيان في مارس1962 وقد مرت المفاوضات الجزائرية الفرنسية بالمراحل التالية:
أ- مرحلة الاتصالات السرية :
بدأت الاتصالات م )ج .ت.و ( سريا في12 أفريل1956 بالقاهرة ثم ببلغراد بعد الوساطة اليوغسلافية غير أن فرنسا كانت تهدف من وراء هذه المفاوضات معرفة ذكاء والخبرة السياسية لقادة ) ج.ت.و ( و جرهم إلى وقف إطلاق النار ليتمكنوا من القضاء على الثورة لكن هذه المفاوضات فشلت بسبب حادثة اختطاف الطائرة واعتقال القادة الخمسة في أكتوبر و بعد وصول ديغول إلا الحكم حاول إحياء هذه المفاوضات و لكنها فشلت بسبب إعلان ديغول مشروع سلم الأبطال و ضرورة رفع العلم الأبيض و استسلام جيش التحرير الوطني مما أدى إلى قطع الاتصالات السرية .
ب- مرحلة المفاوضات الرسمية:
بعدما أعلن ديغول حق تقرير المصير يوم16 سبتمبر1959 أعلنت الحكومة المؤقتة يوم28 سبتمبر 1959 استعدادها للتفاوض مع فرنسا بشرط تطبيق حق تقرير المصير وقد اشترطت أن يتم التفاوض مع الوزراء المعتقلين فرفض " ديغول " ذلك. استؤنف و تم أول لقاء رسمي بين ) ج.ت.و ( و الرسميين الفرنسيين ما بين29-25 جوان1960 في مدينة مولان و أهم محطات هذه المفاوضات
ت- محادثات مولان جوان :
أرسلت الحكومة المؤقتة مبعوثين إلى باريس منهم " أحمد بو منجل و محمد بن يحيى" إلا أن اللقاء لم يكتب له النجاح لتمسك فرنسا بمشروع الجزائر جزائرية بدون ) ج. ت. و ( ومحاولة فرنسا فرض رأيها المتمثل في وقف إطلاق النار كما أرادت فصل الصحراء عن الوطن لذلك إظطر الوفد إلى قطع المحادثات و التي لم تستأنف إلا سنة 1961.
ث- لقاء لوسارن بسويسرا في مارس 1961:
بعد فشل مفاوضات مولان انعقد المجلس الوطني للثورة في طرابلس يوم 9 أوت 1961 وأكد على أن الحل التفاوضي يجب أن يكون على أساس حق تقرير المصير والحفاظ على سلامة التراب الوطني بأكمله بما فيه الصحراء.
وأثناء ذلك قامت مجموعة من الضباط بحركة انقلابية يوم 22 أفريل 1961 نظمها أربعة جنرالات و هم ( شال, جوهو, زيلر و سالان) للإستلاء على الحكم والإطاحة بديغول غير أن هذا الانقلاب فشل مما أدى بهم إلى تشكيل مع المستوطنين منظمة الجيش السري o.a.s)) و قاموا بأعمال إرهابية لإفشال المفاوضات كما استطاعت الثورة تحقيق انتصارات عالمية خاصة في مؤتمر حركة عدم الانحياز في1 سبتمبر1961 ببلغراد , يوغوسلافيا , و إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة سنويا فلم يجد العدو مفرا من التفاوض مع حكومة الثورة و أبدى ديغول رغبته في استئناف المفاوضات, فطلب الوساطة السويسرية مع ( ج. ت. و ) وتمت الاتصالات بين الوفد الفرنسي برئاسة جورج بومبيدو وكانت مواقف الطرفين متباعدة خاصة حول قضية الصحراء وكانت وجهات النظر للطرفين حول الدولة الجزائرية كالآتي:
موقف ديغول :
الحكم الذاتي .
فصل الصحراء .
تجزئة الجزائر عرفيا .
الهدنة . موقف الحكومة المؤقتة :
السيادة الكاملة .
وحدة التراب الوطني .
وحدة الأمة الجزائرية .
( ج. ت. و ) هي الممثل الوحيد .
ج- مفاوضات إيفيان الأولى
بدأت المفاوضات يوم20 ماي في إفيان على الحدود الفرنسية السويسرية و ترأس الوفد الجزائري كريم بلقاسم و أحمد بومنجل و سعد دحلب و محمد الصديق بن يحيى و الطيب بولحروف ورضا مالك الناطق الرسمي بإسم الوفد و ترأس الوفد الفرنسي لويس جوكس وقد انقطعت مرتين في شهر جويلية و أوت1961 بسبب سعي الجانب الفرنسي لفرض شروط اتفاق غير مقبولة مثل فصل الصحراء بعد اكتشاف البترول بها سنة1956 والحفاظ على إمتيازات الأوربيين و تجريد جيش التحرير الوطني من السلاح و قد دافع الوفد الجزائري على وحدة التراب الوطني مستدلا بدستور 1947 وبالثورات التي اندلعت في الصحراء عقب امتداد الاحتلال إليها و بسبب استمرار المعارك و استنكار العالم لسياسة فرنسا في حرب الجزائر في الجمعية العامة للأمم المتحدة أرغمت الحكومة الفرنسية على استئناف المفاوضات في لوقران و لي روس بفرنسا في فيفري ثم توقفت
ح- مفاوضات إفيان الثانية مارس 1962:
بعد توقف المفاوضات السابقة سعى كلا الطرفين إلى استئنافها و بعد الاتصالات العديدة وافق الطرفان مرة أخرى على اللقاء في في إفيان1962 و كان الوفد الجزائري يقيم في سويسرا و التقى الوفدان مرة أخرى من7 إلى18 مارس 1962 حيث انتهت باتفاق الطرفين المتفاوضين على وقف إطلاق النار يوم 14 مارس على الساعة12 زوالا و أهم قراراتها:
تنظيم استفتاء في مختلف أنحاء الجزائر بما فيها الصحراء حول تقرير المصير.
إنشاء هيئة تنفيذية مؤقتة تسهر على تسيير إدارة البلاد و التحضير للاستفتاء.
إطلاق سراح المعتقلين بعد 20 يوما من وقف إطلاق النار.
عودة اللاجئين إلى الجزائر.
الاستفتاء يتم في مدة أقصاها 6 أشهر من تاريخ وقف إطلاق النار أو في مدة أدناها 3 أشهر.
كما تضمنت الاتفاقية فصول عديدة منها :
فصل خاص يتعلق بالشروط والضمانات الخاصة بالتصويت على تقرير المصير.
فصل يتعلق بتنظيم الأحكام العامة للجزائر أثناء المرحلة الانتقالية إلى حين إعلان الاستقلال.
فصل خاص بالضمانات للفرنسيين و أتباعهم.
فصل حول التعاون الاقتصادي والمالي والثقافي بين البلدين و حق الشركات الفرنسية في استثمار ثروات باطن الأرض .
فصل خاص بالمسائل العسكرية بحيث تمنح الجزائر لفرنسا حق استخدام قاعدة المرسى الكبير البحرية و الجوية لمدة 15 سنة وحق استعمال " مطار عنابة و بوفاريك و بشار و قاعدة رقان النووية لمدة 5 سنوات " مع إبقاء فواتها في الجزائر لمدة عامين إلى أن يتم سحبها تدريجيا.
خ- الاستفتاء و إعلان الاستقلال:
لقد حاولت (O.A.S)إفشال الاتفاقية وإعلان وقف إطلاق النار لأنهم أدركوا أن الجزائر أفلتت من أيديهم , فقاموا بأعمال عدوانية بوضع المفجرات في الأحياء الشعبية واغتيال المفكر والأديب الجزائـــــــــري "مولود فرعون" يوم15 مارس 1962 وإطلاق النار على المواطنين و إ حراق المكتبة الجامعية و كان يقود (O.A.S)الجنرال "سالان" غير أنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها و غادرت آخر فرقة لهذه المنظمة وهــران يوم28 مارس1962 في الفترة الانتقالية وفي شهر جوان 1962 انعقد المجلس الوطني للثورة بطـــــرابلس وأقر الاتفاقية ووضع برنامج طرابلس لها بعد الاستقلال و تم إجراء الاستفتاء يوم 01جويلية1962 والنص الوارد في ورقة الاستفتاء .
هل تريد أن تصبح الجزائر مستقلة متعاونة مع فرنسا حسب اتفاقية ( تصريحات ) إفيان19 مارس 1962نعم أو لا ؟
وكتبت بالعربية و الفرنسية و أعلن عن النتائج يوم 02 جويلية1962 وصوت الشعب بنعم بنسبة 97.5 % أي 5.975.581 صوتوا بنعم من مجموع 992.115 ناخب و 16.534صوتوا بلا وفي 03 جويلية أعلن ديغول الاعتراف باستقلال الجزائر إلا أن الثورة رفضت هذا الإعلان عن وثيقة الاستقلال فحددت يوم 05 جويلية 1962 التاريخ الرسمي لإعلان الاستقلال وهو يصادف ذكرى الاحتلال الفرنسي في 05 جويلية 1930و هكذا تخلصت الجزائر من إستطان دام 132 سنة و بعد حرب تحريرية دامت 7 سنوات و أربعة أشهر19 يوما لدى وقف إطلاق النار.
وقد اختلفت الآراء حول اتفاقية إفيان فمنهم من يرى أنها استعمار مقنع, ربطت مصير الجزائر بمصير فرنسا إلى الأبد من خلال حصول فرنسا على إمتيازات عسكرية واقتصادية وثقافية و بعض الضمانات للمستوطنين و أتباعهم الذين تعاونوا معهم كعملاء خلال حرب التحرير .
و منهم من اعتبرها انتصارا ساحقا لأنها انتزعت الاعتراف بالسيادة و الاستقلال و الاعتراف بالجبهة كممثل شرعي وحيد للشعب الجزائري.
لكن التاريخ أثبت أن اتفاقية إفيان إيجابية من عدة أوجه.
أ- كونها حققت الهدف الرسمي للشعب الجزائري المتمثل في اعتراف فرنسا بالسيادة الجزائرية على كامل التراب الوطني .
ب- القيود العسكرية والاقتصادية التي وردت في الاتفاقية المؤرقة لأن الجزائر تمكنت من تأميم الثروات الطبيعية و جلاء القوات الفرنسية في بداية سنة 1965من رقان وفي 1968 من قاعدة المرسى الكبير .
ت- فيما يخص المستوطنين نصت الاتفاقية على حقهم في البقاء في الجزائر أو مغادرة الوطن مع التعويض ولكنهم انظموا إلى المنظمة السرية لذلك خافوا على أنفسهم فهربوا من الجزائر قبل إعلان الاستقلال و بذلك أراحوا البلاد من التعويضات .
ث- و بعد إعلان الاستقلال قامت الحكومة بتأميم أراضي المعمرين سنة 1963 حوالي 3 م.هكتار و تأميم البنوك1964.
ج - و غادرت القوات الفرنسية البلاد في نهاية بدلا من و تأميم المناجم يوم ماي و استرجاع قاعدة المرسى الكبير بدلا من وتأميم المحروقات
و بذلك طويت آخر صفحة من صفحات الاحتلال الأجنبي للبلاد .
قيام الجمهورية الجزائرية 1962
1. ظروف قيامها:
في سبتمبر 1962 أعلنت الجمعية التأسيسية للثورة الجزائرية عن ميلاد الجمهورية الجزائرية الحديثة وتميزت ظروف ميلادها بما يلي :
ـ نجاح الاستفتاء حول الاستقلال
ـ تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الجزائر
ـ استمرار الأعمال الإرهابية OAS
ـ ظهور بوادر الانشقاق السياسي بين قادة الثورة
ـ استمرار التأييد و الاعتراف الدولي بنجاح الثورة واستقلال الجزائر