الوحدة التعلمية الراتبعة : الجزائر بين 1919/1989
الوضعية التعلمية الثانية العمل المسلح ورد فعل الاستعمار
الاشكالية : إن تبلور الفكر الثوري لم يكن وليد وحدة الحركة الوطنية ، بقدر ما كان تجاوزا للتشتت والانشقاق ، لذلك كانت الثورة ضرورة قبل ان تكون اختيارا. وهي كممارسة مسلحة وسياسية أصبحت العامل المؤثر في إستراتيجية فرنسا ، فأفقدتها الرهانات محليا ودوليا ، وكانت القضية الجزائرية من تصعيد الى آخر . ففيما يبرز ذلك ؟
الكفاءة القاعدية 3 :
أمام وضعيات إشكالية تعكس تطور الجزائر ما بين 1919ـ 1989 يكون المتعلم قادرا على : دراسة ظاهرة التطور باستغلال السندات المختلفة ذات العلاقة بموضوع الدراسة
السند الأول :
قال زيغود يوسف عن هجمات 20أوت 1955 " اليوم أصبحت القضية قضية موت أو حياة ، ففي أول نوفمبر كانت مسؤوليتنا تنحصر في تحرير الوطن وتنفيذ الأوامر ، لكن اليوم وجب علينا أن نختار احدى الطريقتين : اما ان نشن غارات عامة يحدث من جرائها الانفجار الشامل ، وبالتالي نحث كل الجهات على مضاعفة عملياتها ، ويذاع صوت كفاحنا بكل صراحة على المستويين الداخلي والخارجي ، واما ان يكون هذا بمثابة برهان بأننا عاجزون على ان نقود هذا الشعب الى الاستقلال وبهذا نكون قد قاتلنا الى آخر مرة وتكون في النهاية عملية انتحارية "
أحسن بومالي : استراتيجية الثورة الجزائرية في مرحلتحا الأولى 1954/1956
السند الثاني: " لقد كان من نتائج التصويت في الجمعية العامة في الدورة العاشرة عام 1955 غضب الوفد الفرنسي واحتج على ما اسماه بتدخل المنظمة الدولية في الشؤون الفرنسية الداخلية وقاطع جلساتها "
يحي بوعزيز : ثورات الجزائر في القرنين 19/20 الجزء الثاني
استراتيجية تنفيذ الثورة :
على المستوى الداخلي: * التعبئة الشعبية :
قال العربي بن مهيدي :" ارمو الثورة للشارع يحتضنها الشعب " وقال" الشعب كالقش اليابس لاينتظر الا عود الثقاب ليشتعل "
من هذه الفلسفة سعت القيادة الثورية لتفعيل الزخم الثوري المتنامي لدى مختلف فئات الشعب وتوضيح الأهداف المرجوة وتذكيره بالممارسات التعسفية ، وكذا تخلفه عن ركب الحركات التحررية في العالم ومن خلال وسائل مختلفة وبالعمل الميداني استطاعت الثورة
رفع معنويات وتكريس القناعة بأن الثورة ضرورة ملحة على الشعب ان يشارك فيها أو يمد لها يد العون
بيان أول نوفمبر 1954 " بيان الثورة " وثيقة سياسية ثورية رسمت المعالم الأولى للثورة التحريرية وحددت الوسائل والآفاق لفترة مابعد التحرير لذا تعتبر برنامجا سياسيا للثورة آنيا ، وهو أول وسيلة اعلامية محليا واقليميا ودوليا
النقاط الأبرز في بيان الثورة :
- الثورة ضرورة حتمتها أسباب عميقة غرضها تحقيق الاستقلال الوطني
- التصميم على الثورة يمكن من تجاوز مأزق الحركة الوطنية وصراع الزعامة
- جبهة التحرير الوطني اطار ضد الاستعمار غايتها المصلحة الوطنية وهي مفتوحة لكل الفعاليات
- كل الوسائل مشروعة لتحقيق النصر وخاصة الاعتماد على الذات وتدويل القضية الجزائرية
- القضية الجزائرية قضية تصفية استعمار واليد ممدودة لأجل السلام والتعاون
- مباركة الشعب الجزائري للوثيقة الثورية واجب وانتصار
الاعلام والتوعية :
- ادركت الثورة ان الوعي بالذات والوعي بالوطن هو الضمان الوحيد لاستمرارية الثورة وتحقيق النصر فاستثمرت القناعات التي كرستها الحركة الوطنية ، واخطاء وسوابق الادارة الفرنسية ، فعملت في اتجاه بلورة الوعي السياسي بداية من بيان نوفمبر1954 وقد كانت الآلة الاعلامية للثورة – على بساطتها مؤثرة وفعالة وكانت موجهة الى :
- الشعب الجزائري ، الشعب الفرنسي ، الرأي العام العربي والافريقي ، الرأي العام العالمي ، ومن وسائلها
- بيان الثورة " بيان أول نوفمبر " بيان الصومام – المناشير المختلفة - الرسائل المكتوبة والشفوية .
- الكتابات الحائطية – صحيفة المجاهد " لسان حال جبهة التحرير الوطني ، صحف البلدان الشقيقة والصديقة ، اذاعة صوت الجزائر من القاهرة ، افلام تسجيلية بداية من 1959 – وكالة الانباء الجزائرية 1961
اتساع نطاق الثورة :
1. هجومات20 أوت 5195
كانت الأحداث مرحلة حاسمة في مسيرة الثورة الجزائرية إذ وضعت حدا لكل التأويلات التي كانت تروجها السلطات الاستعمارية عن الثورة ففي هذا اليوم و هو يوم السبت على الساعة الثانية عشر من منتصف النهار نظم جيش التحرير الوطني بقيادة البطل الشهيد " زيغود يوسف" هجومات عسكرية (39 هجوما على20 مدينة) في الشمال القسنطيني على أهداف عسكرية و اقتصادية استمرت من 20 أوت إلى يوم 27 منه أشترك فيها أبناء الشعب و المجاهدون و كان الهجوم دقيقا لكونه يوم عطلة بالنسبة للمعمرين و الجنود.
2. دوافع و أهداف هجومات 20 أوت 1955 :
تخفيف الضغط الشديد و الحصار الذي ضربه الجيش الفرنسي على منطقة الأوراس بهدف القضاء عليها نهائيا فجاءت تلك الأحداث لتشتيت قوات العدو و فك الحصار.
إخراج الثورة من مرحلة السرية و إزالة الغموض عنها و توسيع الفكرة الثورية في الأوساط الشعبية و قطع الطريق على الذين يريدون احتواء الثورة أو طعنها من الخلف.
الحصول على الأسلحة من العدو نتيجة النقص الكبير الذي يعانيه جيش التحرير.
نقل الثورة من الأرياف إلى المدن و تخفيف الضغط على الأرياف.
التأكيد على شعبية الثورة و التفاف الشعب حولها و أنها موجودة في كل مكان.
رفع معنويات جيش التحرير و تحطيم أسطورة الاستعمار و جيشه الذي لا يقهر و إعادة الثقة و تعزيز الروح القتالية للمجاهدين و الشعب على السواء و بث الرعب و عدم الاطمئنان في نفوس المستوطنين و التأكيد على أن جيش التحرير ليس مجموعة من قطاع الطرق كما تزعم الإدارة الاستعمارية و إنما جيش ثوري يساند من طرف الشعب و لا يهاب الموت و مواجهة العدو في وضح النهار و في عقر داره في المدن الكبرى و ذلك لتحطيم حاجز الخوف عند بعض المشككين و المتمردين.
تأييد و تضامن الشعب الجزائري مع الشعب المغربي بمناسبة الذكرى الثانية لخلع السلطان محمد الخامس (عُزل في 20 أوت 1953 و نُفي إلى مدغشقر لمساندته للحركة الوطنية) و هذا لتأكيد طابع التضامن و الإحساس بالمصير المشترك و و حدة الكفاح و النضال.
كانت القضية الجزائرية على وشك عرضها على الأمم المتحدة و ذلك بإعطاء الدليل على أن ما يجري في الجزائر من ثورة وطنية تحريرية ذات أهداف وطنية.
تكذيب الادعاءات الباطلة بتبعية الثورة الجزائرية لبعض الجهات الخارجية.
3. صدى و نتائج هجومات 20أوت 1955 :
• على المستوى الوطني: تم تخفيف الحصار على الأوراس و واصلت الثورة زحفها. ففي شهر سبتمبر 1955 حدثت معركة الجرف بجبال النمامشة فحقق جيش التحرير انتصارا ضخما فقتل حوالي 400 جندي من جيش الاحتلال و حطم 8 طائرات و عدد من المصفحات و أجهزة الإرسال و غيرها كما شن تجـــــــار العاصمة في 05 جويلية 1956 إضرابا يلفت أنظار الجمعية العامة للأمم المتحدة.
• على مستوى الاستعمار: أصيب بخيبة أمل كبيرة و دخل الفزع في النفوس و انتشرت بينهم روح التمرد و القيام بحملات قمع واسعة ضد المدنيين و ملاحقة الثوار و نفذ حكم الإعدام في حوالي 7000 شخص و دفن الكثير منهم أحياء في خنادق.و تعتبر مذابح ملعب سكيكدة البلدي من أشهر عمليات التنكيل و الدفن الجماعي كما دعت الحكومة جنود الاحتياط ( إرسال 120ألف جندي) لمقاومة الثورة و طلب المعدات العسكرية ) و القيام بعمليات التطهير , ألصقت أسماء و نعوت على الثوار مثل العصاة , الفلاقة ,قطاع الخارجون عن القانون., السفاحون اتهام الثورة بأنها خارجية.
• كما سقطت حكومة " مانديس فرانس " لعجزها عن القضاء على الثورة و قامت حكومات أخرى برئاسة ادغارفور في 23 سبتمبر 1955 و أعلنت حالة الطوارئ و تعين "جاك سوستيل " واليا جديدا في الجزائر و تعزيز قواتها التي وصلت إلى حوالي 400 ألف جندي مقابل 40 ألف مجاهد , و توالت بعد ذلك سقوط الحكومات الفرنسية الواحدة تلوى الأخرى بسبب فشلها في القضاء على الثورة الجزائرية . ففي جانفي 1956 وصلت حكومة ( غي موليي ) الاشتراكية إلى الحكم ثم حكومة موريس بورج ما نورى في 1957 التي شكلت فرق المليشيات من المستوطنين المتعصبين بمساعدة الجيش الفرنسي.
• على المستوى المغار بي : تراجعت فرنسا عن قراراها الذي اتخذته ضد سلطان المغرب ففي 6 نوفمبر اعترفت فرنسا رسميا بمحمد الخامس سلطانا على المغرب .
• على المستوى العالمي : سجلت المسألة الجزائرية في جدول أعمال الدورة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1955 , حيث صرح سوستيل قائلا" إن ما حدث في نيويورك أثمن من قافلة أسلحة توجه إلى جبهة التحرير الوطني "
• كما قامت ( ج.ت. و ) بتأسيس الإتحادات المهنية و المنظمات الشعبية و منها:
ــ الإتحاد العام للعمال الجزائريين في 24 فيفري 1956 من طرف "عيسات إيدير ".
ــ الإتحاد العام للتجار الجزائريين في سبتمبر 1956 .
ــ الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في 1956 و القيام بإضراب في 19 ماي 1956 لمقاطعة الدراســــــــة و الالتحاق بصفوف الثورة.
ــ إنشاء اتحادية مناضلي جبهة التحرير الوطني في فرنسا.
التنظيم المؤسساتي :
مؤتمر الصومام: 20/أوت /1956:
المقدمة: لقد دفعت هجمات 20 أوت 1955 الثورة بقوة بانضمام التشكيلات السياسية لصفوفها وتوسعها لتشمل مناطق مختلفة من التراب الوطني اذ قامت المنطقة الخامسة ( وهران ) بهجمات ساهم فيها 900 مجاهد في 8 ماي 1956 بمناسبة ذكرى مجازر 8 ماي 1945 كما أعلن الطلبة يوم 19 ماي 1956 إضرابا عاما والتحقوا بالثورة كما تأسس الإتحاد العام للعمال الجزائريين و في جوان 1956 طرحت القضية الجزائرية لأول مرة على مجلس الأمن و في 20 أوت 1956 حققت الثورة انتصارا آخرا يتمثل في انعقاد مؤتمر الصومام.
01 - ظروف و مكان انعقاد مؤتمر الصومام:
اشتداد الثورة والتفاف الشعب حولها
شموليتها لجميع أنحاء الوطن وانضمام كل مختلف فئات المجتمع المهنية و الثقافية إلى الثورة فتضاعف عدد المجاهدين
الانتصارات السياسية( تأييد الدول الأفروآسيوية في باندونغ1955للثورة) والعسكرية (هجومات20أوت1955).
استقلال المغرب و تونس (مارس 1956).
تصميم الاحتلال على إجهاض الثورة داخليا (تشديد الحصار على الثورة إضافة إلى العنف الإعلامي )و حصارها خارجيا.
الحاجة الشديدة إلى السلاح
كل هذه الظروف دفعت قادة الثورة للاجتماع من أجل تقييم مسيرتها و إعادة هيكلتها سياسيا و عسكريا ، فبعد اتصالات عديدة تم الاتفاق على عقد المؤتمر في 20 أوت 1956 بقرية افري بأوزلاقن بغابة أكفادوا بوادي الصومام لتكذيب ادعاء الفرنسيين بسيطرتهم على المنطقة و تطهيرها. و فعلا انعقد المؤتمر بالولاية الثالثة و ترأسه الشهيد العربي بن مهيدي , و بعد عدة مداولات خرج المؤتمر بالقرارات التالية :
02 - قرارات مؤتمر الصومام:
• أ ـ المجال السياسي :
تأسيس المجلس الوطني للثورة: كأعلى جهاز للثورة ، يتألف من34 عضوا ثم ارتفع إلى 54 عضوا فيما بعد نصفهم دائم.
إنشاء لجنة التنسيق و التنفيذ: تتألف من 5 ثم 14 عضوا تشرف على الجهاز السياسي و العسكري للثورة.
إنشاء لجان فرعية : تحت إشراف لجنة التنسيق و التنفيذ منها : لجنة الدعاية و الإعلام - اللجنة السياسية - اللجنة الاقتصادية - اللجنة التقنية .
وضع ميثاق الصومام (بيان سياسي) الذي حدد التنظيمات الجديدة للثورة.
• ب ـ المجال العسكري:
تقسيم البلاد إلى 6 ولايات عسكرية و وضع لكل ولاية حدودها و تعيين على رأس كل منها قائد عسكري و محافظ سياسي وهي:
الولاية الأولى: أوراس النمامشة .
الولاية الثانية: الشمال القسنطيني .
الولاية الثالثة : القبـــائــــل . الولاية الرابعة: الجزائر العاصمة.
الولاية الخامسة: وهــــــران.
الولاية السادسة: الصحراء أحدثت1956
تقسيم كل ولاية إلى مناطق و المناطق إلى نواحي و النواحي إلى قسمات و تخضع كل الولايات إلى لجنة التنسيق و التنفيذ و التي تخضع بدورها للمجلس الوطني للثورة.
إقرار مبدأ القيادة الجماعية و الاعتماد على النفس.
تقسيم جيش التحرير إلى مسبلين و مجاهدين و فدائيين و تحديد الرتب العسكرية و علاماتها و المرتبات و تنظيم وحدات جيش التحرير الوطني كما يلي : الفوج - 11 جنديا - الفرقة 35 جنديا - الكتيبة 110 جندي - الفيلق 350 جندي .
إنشاء المجالس الشعبية المكلفة بإدارة القرى و المد اشر و الدوائر و مهمتها العناية بالحالة المدنية للسكان .
و انعكست نتائج المؤتمر سريعا على الثورة من خلال:
03 – نتائج مؤتمر الصومام : أعطى المؤتمر دفعا قويا للثورة تجسد في:
• أ - الصعيد الداخلي :
زيادة انتشار الثورة والتفاف الشعب الجزائري حولها.
مواجهة مناورات العدو في الداخل و الخارج.
ترسيخ مبدأ القيادة الجماعية و الاعتماد على النفس و أولوية الداخل على الخارج و العسكري على السياسي.
وضع ميثاق الصومام و هو ثاني وثيقة للثورة بعد بيان أول نوفمبر يحدد منطلقات الثورة و إستراتجياتها.
كما اهتم بالجانب الاقتصادي و جمع الاشتراكات و زيادة العمليات العسكرية و فتح مراكز جديدة.
ازدياد فعالية الثورة (توسع نطاق العمليات الفدائية في المدن, و بدأت معركة الجزائر في جانفي 1957 استمرت قرابة عاما كاملا.)التي أفشلت كل المخططات الفرنسية.
تزويد (ج.ت.و) بالأسلحة الثقيلة و المضادة للطيران.
• ب - الصعيد الخارجي:
العمل على تدويل القضية الجزائرية و طرحها في المحافل الدولية.
زيادة النشاط الدبلوماسي في الخارج لكسب التأييد الدولي حيث اتسعت دائرة التأييد فساند مؤتمر القاهرة سنة 1957 للدول الأفرو آسيوية الجزائر، وفي 30 مارس 1958 نودي باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الجزائري
نقل الثورة إلى أرض فرنسا ذاتها حيث قامت اتحادية ( ج.ت.و ) بفرنسا بهجومات على أهداف اقتصادية عسكرية حيث وجد الرأي العام الفرنسي نفسه أمام ما يجري في الجزائر و ذلك منذ 1958 .
و هكذا خرج مؤتمر الصومام بهياكل تنظيمية و مؤسسا دائمة و شاملة و تأكد التلاحم الشعبي بين جيش التحرير و الشعب في الأرياف و المدن و تضاعفت العمليات العسكرية و في هذه المرحلة عمت الثورة كل التراب الوطني و عجزت الحكومات الفرنسية على القضاء عليها و إيجاد الحل الذي ينقذها فعمدت إلى اتخاذ تدابير وحشية.